خبروني بني السقيفة ما ... يمنع فقعاً بقر قران نزولا
قبح الله ثم ثنى بلعن ... وارث الصائغ الجبان الجهولا
من يضر الأدنى ويعجز عن ... ضر الأقاصي ومن يخون الخليلا
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ العدو فتيلا
تدبر هذه الأبيات. فانك تجدها غاية فيما تكره العرب وتتشاتم به. ألا ترى كيف جمع في بيت واحد القبح، وفيه الاستيلاء على جميع ما يكره ويستشنع، واللعن وهو النفي والطرد، ثم جعله موضعاً لئيم الخال. والعرب تتمادح بالخال.
قال الفرزدق يفخر بخاله.
خالي الذي عضب الملوك نفوسهم ... وإليه كان جباء جفنه يحمل
وأم النعمان بن المنذر كانت سلمى بنت عطية الصائغ اليهودي من أهل فدك. ثم قال: الجبان الجهول، وهما من شر ما يقذف به. قال الشاعر.
جهلاً علينا، وجبناً عن عدوكم ... لبئست الخلتان: الجهل والجبن
وكان يقال: شر أخلاق الملوك الجبن عن الأعداد الأقوياء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عن الإعطاء قال بعض الشعراء:
الجبن عار، وفي الإقدام مكرمة ... ومن يفر لا ينجو من القدر
لا تبخلن ولا تجزع فإنهما ... ليسا يزيدان في مال ولا عمر
ثم جعله عاجزاً ضعيفاً يضر الأدنى، ويقصر عن ضر من بعد منه، خائناً لخليله:
قال الشاعر يمدح رجلاً بالأمانة:
لم تره جارة يمشي لساحتها ... لريبة حين يخلي بيته الجار
مثل الرديني لم تدنس عمامته ... كأنه تحت طي البرد أسوار