مجمعا في قريش؟ قال: لا قال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مستنون عجاف. قال: لا. قال: أفمنكم شيبة الحمد، مطعم طير السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الظلماء قال: لا. قال: أفمن أهل الإضافة بالناس أنت؟ قال: لا. قال: أفمن أهل الحجابة؟. قال. لا. قال: أفمن أهل الرفادة قال: لا. قال: أفمن أهل السقاية؟ قال: لا. فاجتذب أبو بكر زمام الناقة فرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال الغلام:
صادف در السيل در يدفعه
يهيضه حيناً وحيناً يصدعه
أما والله يا أخا قريش لو ثبت لأخبرتك أنك من زمعات قريش، ولست من الذوائب. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال على: يا أبا بكر وقعت من الأعرابي على باقعه فقال: أجل يا أبا حسن، ما من طامة إلا وفوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق. قال: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر، وكان مقدماً، في كل خير فقال: ممن القوم؟ قالوا: من شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: بأبي أنت وأمي، هؤلاء غرر في قومهم، وفيهم معروق بن عمرو، وقد غلبهم جمالا ولساناً، وكانت له غديرتان تسقطان على تربته، وكان أدنى القوم مجساً من أبي بكر، فقال له أبو بكر: كيف العدد فيكم؟. قال له معروق: أنا لنزيد على الألف، ولن تغلب ألف من قلة. فقال له أبو بكر: فكيف المنعة فيكم؟ قال: علينا الجد، ولكل قوم جد. قال له أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟
قال معروق: إنا لأشد ما نكون غضباً حين نلقى، وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا مرة، ويديل علينا أخرى، لعلك آخر قريش؟.