قال أبو بكر: وقد بلغكم أنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هاهو ذا، فقال معروق: قد بلغنا أنه يذكر ذلك فإلى م تدعوا إليه يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنى رسول الله، وإلى أن تأووني وتنصروني فان قريشا قد ظاهرت على أمر الله، وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد. فقال معروق: وإلى م تدعو أيضاً يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحسانا، ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون).
فقال معروق: وإلى م تدعوا أخا قريش؟. فتلا عليه:(إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون). فقال معروق:
دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأخلاق. ولقد أفك قوم كذبوك، وظاهروا عليك وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة، فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا، فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وأني أرى تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك بمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر زلة في الرأي وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقداً، ولكنا نرجع وننظر. وكأنه أحب أن يشاركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا، فقال المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش فأما تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك فالجواب هو جواب هانئ بن قبيصة وأما أن نأويك وننصر ما فنانا نزلنا بين ضربين اليمامة والسماوة. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما هذان الضربان. قال: أنهار كسرى ومياه العرب فأما ما كان من أنهار كسرى. فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول وأما ما كان من مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول وإنما نزلنا