على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثا ولا نأوي محدثا، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك. فان أحببت أن نأويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم الصدق، وإن دين الله لا ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه أرأيتم أن لم يلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم أرضهم، وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟.
فقال النعمان بن شريك: اللهم لك ذلك. فتلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيراً). ثم نهض النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأخذ بيدي فقال: يا أبا بكر يا أبا حسن أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها، يدفع الله بأس بعضهم عن بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم. قال: ثم دفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضا حتى بايعوا النبي (صلى الله عليه وسلم) وكانوا صدقاً صبراً.
قوله: عربانياً، فان هذه الألف والنون يزادان في النسبة ليفرقوا بها بين العربي اللهجة وبين العربي النسب. وسمى عبد الله بن الحارث بن همام بن مرة بن مرة بن ذهل بن شيبان ذا الجدين لأنه أسر أسيراً شريفاً فقيل له: إنك لذو جد قال: فعندي من هو فوقه، رجل من كنانة. فقيل له: إنك لذو جدين. وقيل إنه سبق في سبقين من الخيل، فقيل له ذاك.
والأول أصح. وعوف بن محلم بن ذهل بن شيبان هو الذي يقال فيه: لا حر بوادي عوف. أي لا يقرب واديه إلا بذمته وجساس بن مرة بن ذهل بن شيبان يسمى حامي الديار أي أنه يحمي ما إن ضيعه لزمه منه الذم وهو اللؤم، وهو الذي قتل كليب بن وائل أخو ربيعة في لقحة جارته. قال الشاعر:
كليب لعمري كان أكثر ناصراً ... وأعظم جرما منك ضرج بالدم