للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تباركَ من أنشا بخدَّيه زخرفاً ... وسبحان من أنشى عذولي بلا حجر

لعمرِي لقد قاسَ الهوى نحوَ صبوتي ... مقاييسَ لم تعبأ بزيدٍ ولا عمرو

وأنفقت عمرِي في المليحِ محبَّةً ... فإن يسلني عذلٌ فيا ضيعة العمر

وإني لعذري الصبابة إن روت ... حديث الأسى عني الدموع فعن عذري

تسابق بيض المزن حمرُ مدامعي ... فتسبقها والسبق من عادة الحمر

ويسهرني ومضُ البريق كأنما ... تبسم في لُعس السحائب عن ثغر

أما ومليح العصر إنك بالبكى ... وبالسهدِ يا إنسان عيني لفي خسر

معنى بوسنان اللواحظ سارق ... كرى مقلتي من حيث أدري ولا أدرِي

يجرُّ بنون الصدغ قلبيَ للأسى ... وما خلت أن النون من أحرف الجرّ

يقابل دمعِي باسماً فكأنما ... ينظم ما أملت جفوني من النثر

وما ليَ لا أبكي على درّ مبسم ... كما بكتْ الخنساء قبلي على صخر

وأجري عيون الدمع فائضة على ... عيون المها بين الجزيرة والجسر

ظباء بشطّي نيل مصر لأجلها ... يقولُ حنين الشوق آهاً على مصر

خليليّ شابت في النواظر لمتي ... وشبَّ الأسى نار التذكُّر في صدري

فلا تنكرا تعبيس وجهي فإنما ... تنقل ذاك الابتسام إلى شعري

وزالت بصبح الشيب عنيَ خلني ... فكان زوال الشمس للصبح لا الظهر

ويا رُبّ ليلٍ كان لي بكؤوسه ... ومبسمه سلكٌ ينظم بالدّرّ

تولى ووافى بالهموم كدملٍ ... أكابده في الحالتين بلا فجر

كأن النجوم المائلاتِ بأفقه ... مفارقُ شيبٍ لا تسرّ ولا تسري

سقى الله أيام الشباب التي خلت ... من السحب أحلى ما يسيل من القطر

رأيت شباب المرء عوناً على الهوى ... وجود ابن فضل الله عوناً على الدهر

إذا ذُكرت أهل السيادة والعلى ... فعدّ ابن فضل الله فاتحةَ الذكر

إذا شمت منه طلعةً علويةً ... فغالِ الثنا وأرفض سنا الأنجم الزهر

إذا ما علاءُ الدّين حام فخاره ... فسل ثم عن نسرِ الكواكب لا النسر

وزيرٌ بلا وزرِ وقاضٍ بلا هوًى ... وغيث بلا عيب وبحرٌ بلا ضرّ

يسابقني لفظي لوصف زمانه ... وبالطبع تشدو الورق في الورق الخضر

<<  <   >  >>