للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما في القرآن الكريم فقد قررت بعض نصوصه الرقابةَ الجماعية كما في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} (١) . كما حذّر المولى عزَّ وجلَّ من ترك النهي عن المنكر بقوله: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ *كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ *} (٢) .

خامساً: اتخاذ القرارات

لا شك بأن حسن اتخاذ القرارات هو عامل مهم في إنجاح العملية الإدارية، ولا بد أن اتخاذ أي قرار ناجح هو معتمد أساسًا على توافر معلومات وافية يُبنى عليها هذا القرار. لذلك عاتب الله نبيَّه داود _ج عندما حكم بين رجلين فسمع لأحدهما ولم يسمع إلى الآخر، كما جاء ذلك في قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ *إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ *} (٣) ، وقد علم داود _ج أن الأَوْلَى في حقه عند الحكم بين الناس أن يمنح كلَّ متخاصم فرصة للإدلاء بقوله وحجته؛ حيث إن وجه المسألة كلَّه أو بعضه قد يتغير، ما يؤثر في اتخاذ القرار المناسب.

كذلك نبيُّ الله سليمان _ج عندما افتقد الهدهد توعَّده بعذاب شديد، ولكنه استثنى في تنفيذ قرار العقوبة، وسبب استثنائه في ذلك أنه ليس لديه


(١) سورة آل عمران، الآية ١٠٤.
(٢) سورة المائدة، الآيتان ٧٨-٧٩.
(٣) سورة ص، الآيات ٢١ - ٢٤.

<<  <   >  >>