للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما قوله صلى الله عليه وسلم: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبيُّ بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» (١) ، فالحديث إشارة واضحة إلى عظيم علمه صلى الله عليه وسلم بأهمية التخصص في الأعمال، فها هو يخص أبيَّ بن كعب بمعرفة أوجه القراءات، وزيدَ بن ثابت بعلم الفرائض، ومعاذ بن جبل بعلم الحلال والحرام، وأبا عبيدة بأمانة الأمة.

وإسناد العمل إلى المختص به هو من الأسباب المسهمة في إنجاح هذا العمل وإتقانه، وهذا مما شدد عليه الإسلام، سواء في جانب الأعمال التعبدية أو الأعمال الدنيوية، ومما لاشك فيه أن أداء العمل على أسس صحيحة يوفر الجهد والوقت والمال فلا يُهدَر بعد ذلك في التصحيح والتقويم، وإلى ذلك وجّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأمة بقوله: «إن الله تبارك وتعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (٢) ، وهذا التوجيه النبوي يعتبر قاعدةً ثمينة في هذا الباب.

٤ - مراعاة حال العامل المكلَّف:

خلق الله الناس في هذه الحياة وقسم بينهم معيشتهم فيها، وسخّر بعضهم لخدمة بعض، وقد أوصى الإسلام المسلم بالرفق بمن تحت يده من الناس، ومما أُثر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في ذلك قوله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزع من شيء إلا شانه» (٣) ، وكان يقول: «إن إخوانكم خَوَلكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعِمه مما يأكل، وليُلبِسه مما يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم


(١) الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر، مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، ط٢، ١٣٩٨هـ، كتاب (٤٩) ، باب (٣٣) ، رقم الحديث (٣٧٩١) ، ج٥ ص ٦٦٥، وقال هذا حديث حسن صحيح. وابن بلبان، الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، مرجع سابق، رقم الحديث (٧١٣١) ، ج١٦ ص٧٤.
(٢) البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين ٣٨٤-٤٥٨هـ، شعب الإيمان، تحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١، ١٤١٠هـ ١-٨، الباب (٣٥) ، رقم الحديث (٥٣١٢) ، ج٤ ص٣٣٤. الموصلي، أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي ٢١٠-٣٠٧هـ، مسند أبي يعلى الموصلي، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، ط١، ١٤٠٤هـ- ١٩٨٤م، ١-١٣، رقم الحديث (٤٣٨٦) ، ج٧ ص٣٤٩.
(٣) القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، مرجع سابق، كتاب (٤٥) ، باب (٢٣) ، رقم الحديث (٢٥٩٤) ، ج٤ ص ٢٠٠٤.

<<  <   >  >>