للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك فإن الله عزَّ وجلَّ الذي قدر الوقت وقسمه بين عباده، قد خص بعض أجزاء هذا الوقت بمزية يَفضُل بها غيرَه من الأجزاء.

ففي صنوف العبادة مثلاً، قد جعل الله لعباده مواسم تضاعف فيها أجور الأعمال كشهر رمضان وأيام العشر من ذي الحجة، وأخرى تكون إجابة الدعوة فيها أرجى من غيرها كثلث الليل الآخر، وعصر يوم الجمعة، ووقت الفطر للصائم، وليلة القدر في رمضان.

يقول حسن البنَّا رحمه الله: "أمامك كل يوم لحظة بالغداة، ولحظة بالعَشِي، ولحظة في السَّحَر، تستطيع أن تسمو بروحك الطهور إلى الملأ فتظفر بخير الدنيا والآخرة، وأمامك مواسم الطاعات، وأيام العبادات، وليالي القربات، التي وجَّهك إليها كتابك الكريم، ورسولك العظيم صلى الله عليه وسلم، فاحرص أن تكون فيها من الذاكرين لا من الغافلين، ومن العاملين لا من الخاملين، واغتنم الوقت، فالوقت كالسيف، ودَعِ التسويفَ فلا أضر منه" (١) .

أما على الصعيد الدنيوي، وسعي الإنسان فيها لإصلاح معاشِه، فقد جعل الله التبكير في أداء الأعمال من أعظم أسباب النجاح والفلاح، وقد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قوله: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» (٢) ، فعلى المسلم أن يحرص على التعرض لهذه المواسم والاستزادة منها بما يُصلح له دينه ودنياه.

سادساً: تخطيط الوقت وتنظيمه

إن تخطيط الوقت وترتيب الأولويات فيه، هو من الأمور التي ينبغي أن يشتد حرص المسلم عليها؛ وذلك لأهميتها في إحداث القدرة على استثمار الوقت بشكل سليم، وقد تبيَّن سلفنا الحكمة في ذلك؛ فهذا أبو بكر


(١) عبد العال، شعبان جبريل، الوقت أغلى من كنوز الأرض، دار ابن خزيمة، الرياض، ١٤١٨هـ - ١٩٩٧م، ص ٣١-٣٢.
(٢) أبو داود، سليمان بن أشعث السجستاني، سنن أبي داود، فهرسة كمال يوسف الحوت، دار الجنان، ١٤٠٩هـ، كتاب (٩) ، باب (٧٧) رقم الحديث (٢٦٠٦) ، ج٢ ص ٤١. وابن بلبان، الأمير علاء الدين علي ابن بلبان الفارسي ت٧٣٩هـ، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٣، ١٤١٨هـ-١٩٩٧م، ١-١٨، رقم الحديث (٤٧٥٤) ، ج١١ ص ٦٢.

<<  <   >  >>