للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقولون: "من كان يومه كأمسه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون" (١) .

ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي) (٢) .

ولله دَرُّ عليِّ بن محمد البُستي (٣) إذ يقول:

إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يداً ... ولم أقتبس علماً فما هو من عمري (٤)

وكتب محمد بن سمرة السائح (٥) إلى يوسف بن أسباط (٦) بهذه الرسالة: " أيْ أخي، إياك وتأمير التسويف على نفسك، وإمكانه من قلبك، فإنه محلُّ الكَلال، وموئل التلف، وبه تُقطع الآمال، وفيه تنقطع الآجال، وبادر يا أخي فإنك مبادَرٌ بك، وأسرع فإنك مسروع بك، وجِدَّ فإن الأمر جِدٌّ" (٧) .

وقال الإمام ابن عقيل (٨) : "إني لا يَحِلُّ لي أن أضيع ساعة من عمري، فإذا تعطل لساني من مذاكرة ومناظرة، وبصري من مطالعة، عملت في حال فراشي وأنا مضطجع، فلا أنهض إلا وقد يحصل لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم في عشر الثمانين أشدّ مما كنت وأنا ابن العشرين" (٩) .

ويُحذِّر القرآن الكريم المُفرِّطين في أوقاتهم، الذين يفوتهم العمل فيها، وينذرهم بالحسرة والندامة على ذلك التفريط يوم القيامة، قال تعالى حكاية عنهم: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِْنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى *يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} (١٠) ويوم يقول قائلهم في حسرةِ وندامة: {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ


(١) المرجع نفسه، ص ١٣.
(٢) القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مرجع سابق، ص ١٣.
(٣) أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين البستي الشاعر الناثر والأديب الأريب والمحدّث الفاضل والفقيه الشافعي، ولد في مدينة بُسْت من بلاد أفغانستان في حدود سنة ٣٣٠هـ وتوفي في عام ٤٠٠هـ. انظر: (البستي، علي بن محمد بن الحسين، قصيدة عنوان الحكم، ضبط وتعليق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط١، ١٤٠٤هـ-١٩٨٤م، ص ٧) .
(٤) ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ٣٦٨-٤٦٣ هـ، جامع بيان العلم وفضله، دار الكتب العلميّة، بيروت، دت، ج١ ص٦١.
(٥) محمد بن سمرة السائح من الأصفياء الذين ذكرهم ابن الجوزي في كتابه صفة الصفوة. انظر: (ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج ٥١٠ - ٥٩٧ هـ، صفة الصفوة، تحقيق إبراهيم رمضان وسعيد اللحّام، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٩هـ - ١٩٨٩م، ج ٤ ص ٢٠١ - ٢٠٢) .
(٦) يوسف بن أسباط، الزاهد، من سادات المشايخ، له مواعظ وحِكم. انظر: (الذهبي، شمس الدين محمد ابن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج٩ ص١٦٩) .
(٧) ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج، صفة الصفوة، مرجع سابق، ج ٤ ص ٢٠١ - ٢٠٢.
(٨) ابن عقيل هو الإمام العلاّمة البحر شيخ الحنابلة أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري الحنبلي المتكلّم صاحب التصانيف، ولد سنة ٤٣١هـ وتوفي ٥١٣هـ. انظر: (الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج١٩ ص٤٤٣) .
(٩) ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ٧٧٣ - ٨٥٢ هـ، لسان الميزان، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوّض، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط١، ١٤١٦هـ-١٩٩٦م، ١-٧، ج ٤ ص٢٨٤.
(١٠) سورة الفجر، الآيتان ٢٣-٢٤.

<<  <   >  >>