ووقفها، وجمعها في دار رسمها بها، فكان السبب في ذهابها، مع تطاول الزَّمان ضعف أمر السلطان، واستيلاء ذوي العيث والفساد على أهل تلك البلاد.
قال أبو بكر (يعني الخطيب): "مثل هذه الكتب الجليلة، كان يجب أن يكثر بها النسخ، ويتنافس فيها أهل العلم، ويكتبوها لأنفسهم، ويخلدها أحرارهم.
ولا أحسب المانع من ذلك إلا قلة معرفة أهل تلك البلاد لمحل العلم وفضله، وزهدهم فيه، ورغبتهم عنه، وعدم بصيرتهم به، والله أعلم" اهـ.
وقال الحاكم أبو عبد الله:" … داره التي هي اليوم مدرسة لأصحابه، ومسكن الغرباء الذين يقيمون بها من أهل الحديث، والمتفقهة منهم، وله جرايات يستنفقونها من داره، وفيها خرانة كتبه في يدي وصي سلمها إليه ليبذلها لمن يريد شيء منها، من غير أن يخرجها منها، شكر الله له عنايته في تصنيفها، وأحسن مثوبته على جميل نيته في أمرها، بفضله ورأفته".