أمام الطلبة هَمُّ المعيشة، فكفاهم ذلك بأن وَقَف لهم جِراياتٍ يستنفقونها، ليتفرغوا لطلب العلم، ويتوجهوا إلى تحصيله بصفاء ذهن وراحة بال. انظر "معجم البلدان"(بُست)، و"مقدمة الأمير علاء الدين" للصحيح.
ويكون ابن حِبَّان بإنشائه هذه المدرسة قد سبق الملك العادل نور الدين الزنكيّ ﵁ بأكثر من قرنين وثلث القرن، ويمكن أن نصحِّحَ هنا ما أورده ابن الأثير في كتابه.
"التاريخ الباهر" ص (١٧٢)، وتابعه عليه المقريزيّ في "الخطط والاعتباره (٢/ ٣٧٥)، من أنَّ نور الدين أول من بنى دارًا للحديث.
ولخوف ابن حِبَّان على ضياع الكتب أو فقدانها من المكتبة التي وقفها - وهو يعلم أنَّ الإعارة مضيعة للكتب - فقد اشترط ألا تخرج من الدَّار التي وقفها فيها، أي منع الإعارة الخارجية التي تذهب بالكتب شيئًا فشيئًا، وجعل خزانة الكتب في يدي وصي سلمها إليه، ليبذلها لمن يريد نسخ شيء منها من غير أن يخرجه منها، هكذا أحكم ابن حِبَّان الأمر، وأحاط تلك المكتبة بسياج الصيانة والحفظ، إِلَّا أنَّ حوادث الدَّهر امتدت إليها على حين غفلة من أهلها، لتبعثرها وتبددها، وتخفي نفائسها وكنوزها، وذاك بعد قرابة مئة عام من موت واقفها ابن حِبَّان، ويذكر ذلك مسعود السجزيّ للخطيب البغداديّ