قال ابن حبَّان في "المجروحين"(١/ ١٥٦): "كان ممن يضع المتون للآثار، ويقلب الأسانيد للأخبار، حتى غلب قلبه أخبار الثقات، وروايته عن الأثبات بالطَّامَّات على مستقيم حديثه، فاستحق الترك، ولعلَّه قد أقلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث، كتبُ أنا منها أكثر من ثلاثة آلاف حديث مما لم أشك أنه قلبها، كان على عهدي به قديمًا، وهو لا يفعل إلا قلب الأخبار عن الثقات والطعن على أحاديث الأثبات، ثمَّ آخر عمره جعل يدعي شيوخًا لم يرهم، وروى عنهم، وذاك أني سألته، قل: يا أبا بشر: أقدم من كتبت عنه بمرو من؟ قال: أحمد بن يسار، ثمَّ لما امتحن بتلك المحنة وحمل إلى بخارى حدَّث يومًا في دار أبي الطيب المصعبيّ عن علي بن خشرم فاتصل بي ذلك فأنكرت عليه فكتب إليَّ يعتذر إليَّ، وقال: قرئ عليَّ في وقت شغلي تلك الأحاديث ثمَّ خرج إلى سجستان، فرواها عن علي بن خشرم، والفِرْيَانَانيِّ وأقرانهما، وأنا أذكر من تلك الأحاديث التي كان يقلبها على الثقات أحاديث يستدل بها على ما رواها … ".
(قلتُ): ثمَّ ذكر ابن حبَّان عدة أحاديث استنكرها عليه ثمَّ قال: "قال أبو حاتم ﵁: حدثنا أبو بشر بهذه الأحاديث من كتب له عملت أخيرًا مصنفة إذا تأملها الأنسان توهم أنها عتيق، فتأملت يومًا من الأيام جزءًا منها بالي الأطراف أصفر الجسم، فمحوته بأصبعي فخرج من تحته أبيض، فعلمت أنه دخنها والخط خطه، كان ينسبها إلى جده. وهذه الأحاديث التي ذكرناها أكثرها مقلوبة