ولم يكونوا يبالغون في سبيل إظهار المزية والغلبة أكان الخبر عن ثقةٍ أو غيره، صحيحًا أو غير صحيح؟ وقد كان عند زكريا السَّاجيّ حديث عن رجلٍ واهٍ، ومع ذلك لما لم يوجد ذاك الحديث إلا عند السَّاجيّ صار له به شأن.
وفي "لسان الميزان": "قال السَّاجيُّ: كتب عني هذا الحديث البزار وعبدان وأبو داود وغيرهم من المحدِّثين. قال القرَّاب: هذا حديثُ السَّاجيُّ الذي كان يُسأل عنه".
وكانت طريقتهم في المذاكرة أن يشير أحدهم إلى الخبر الذي يرجو أنه ليس عند صاحبه ثمَّ يطالبه بما يدل على أنَّه قد عرفه، كأن يقول الأول: مالك عن نافع قال … فإن عرفه الآخر قال: حدثناه فلان عن فلان عن مالك.
وقد يذكر ما يعلم أنَّه لا يصح، أو أنَّه باطلٌ كأن يقول: المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا: "أبغض الكلام إلى الله الفارسية".
أو يقول: أبو هريرة مرفوعًا: "خلق الله الفرس" إلخ. وقد تقدم في ترجمة حماد بن سلمة.
وكان ابن أبي داود صلفًا تيَّاهًا حريصًا على الغلبة فكأنَّه سمع