للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباب الرابع الدعوة وحقيقتها

ألاعيب السياسة:

كان الشيخ محمد عبده (م سنة ١٣٢٣هـ) العالم المصلح في مصر الجديدة، والرفيق الخاص للسيد جمال الدين الأفغاني يستعيذ بالله من السياسة ومفاسدها، وقوله معروف "ما دخلت السياسة في شيء إلا أفسدته".

وهذا صحيح إلى حد كبير، فإن أهل السياسة لا يفرقون بين الحلال والحرام في سبيل البلوغ إلى غاياتهم؛ ولذلك فهم ينجحون في مسخ الحقائق ولو إلى حين.

إن دعوة شيخ الإسلام التي تسمى "الوهابية" ليست شيئا جديدا، فإنه لا يقدم شيئا غير التعليم الصحيح للكتاب والسنة، إلا أن دعوته أسيئت سمعتها بين الناس باسم الوهابية للأغراض السياسية. وكأنها دعوة إلى دين غير الإسلام.

ومن سوء الحظ اشتركت ثلاث طوائف في التشنيع على أهل نجد، فنشبت حروب مباشرة مع الحكومة التركية والمصرية، واستمرت سلسلة الحرب مدة طويلة، وحدث قتال مرة أو مرتين مع حكومة الهند أيضا، وهكذا اشتركت الحكومات الثلاث واتباعها بحماس شديد في هذه المهمة.

وزيادة على هذا كله اشتد غضب أشراف مكة وأنصارهم بسبب انقطاع مواردهم من الهدايا والنذور١. وكذلك عامة سياح أوربا من الإنجليز وغيرهم ما كان بوسعهم


١ كانت جماعة كبيرة في مكة والمدينة تعيش على محاصيل القبور والقباب. وفي سنة ١٢١٨ هـ عند الفتح السعودي انقطعت أرزاقهم فنصبوا العداء للدعوة وبدأوا ينشرون الأكاذيب في كل مكان قال الجبرتي في حوادث صفر سنة ١٢١٨ هـ: "حضر في صحبة الحجاج كثير من أهل مكة هروبا من الوهابي ولغط الناس في خبر الوهابي، واختلفوا فيه فمنهم من يجعله خارجا وكافرا وهم المكيون ومن تابعهم وصدق أقوالهم، ومنهم من يقول بخلاف ذلك لخلو غرضه" (٢: ٥٥٨ دار الفارسي- بيروت) .

<<  <   >  >>