للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقائد:

إنه في باب العقائد على مذهب السلف وهو إقرار ما ورد من الصفات الإلهية في القرآن والأحاديث الصحيحة كما ورد والتسليم به، والإيمان بظاهره مع نفي الكيفية.

وهذا هو مذهب السلف، فقد كانت مسألة الصفات من المسائل التي اختلف فيها علماء الإسلام، فقد نفت جماعة الصفات كلها حذرا من التشبيه والتجسيم، وهو تعطيل الباري، وجماعة أخرى أثبتت الصفات فوصلت إلى التشبيه والتكييف، وهذا أيضا تعد وتجاوز عن الحد؛ فإن ذات الله سبحانه وتعالى منزهة عن الجسمية.

وأما الأشاعرة المتكلمون فبدءوا يؤولون الآيات والأحاديث خوفا من التعطيل والتشبيه، فقالوا إن المراد من الاستواء هو الاستيلاء، وفسروا "يد الله" بالنعمة والقدرة ويزعمون أن المراد بقوله تعالى "فإنك بأعيننا" الحفظ والرعاية.. الخ، ولكن السلف ومن تبعهم لا يرضون بهذه التأويلات. فمن أين علمتم أن ما أردتم من هذه الكلمات هو ما أراده الله تعالى.

ثم إن المتأولين قد يضطرون إلى تأويلات بعيدة في بعض الآيات والأحاديث حتى أن القارئ لا يتمالك من الضحك. وإذا راجعت كتاب مشكل الحديث لابن فورك (م سنة ٤٠٦هـ) تجد أمثلة كثيرة من هذا النوع الذي يتمخض فيه الجبل ثم لا يلد إلا فأرا.

وإن مسلك السلف بعيد كل البعد من هذا التكييف والتعطيل والتأويل، ومن الممكن أن يعبر عن مذهب السلف بلسان ابن تيمية - رحمه الله - هكذا: "ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فلا يجوز نفي صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه ولا يجوز تمثيلها بصفات المخلوقين، بل هو سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.

ومذهب السلف مذهب بين مذهبين وهدى بين ضلالتين إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات١.


١ الانتقاد الرجيح على حاشية جلاء العينين: ٤٠٣ (لصديق حسن خان رحمه الله) .

<<  <   >  >>