للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذه صورة صورها معلق كافر، ولكن الخطوط والآثار التي تظهر في هذه الصورة للمسلمين أليست صحيحة اليوم إلى حد كبير؟ وكما يرى الأمير شكيب أرسلان "لو أن فيلسوفا نقريسيا من فلاسفة الإسلام، أو مؤرخا عبقريا بصيرا بجميع أمراضه الاجتماعية، أراد تشخيص حالته في هذه القرون الأخيرة ما أمكنه أن يصيب المحز، وأن يطبق المفصل تطبيق هذا الكاتب الأمريكي استودارد"١.

وإن لم يثقل عليك طول الكلام فاسمع حكاية أخرى لشقاءك بلسان معلق غربي آخر: "قد بردت عواطف المسلمين في القرن الثامن عشر، وما يسمى بالخليفة كان قد فقد قوته، حتى إن أهل النواحي الجنوبية ما كانوا يعترفون بسيادته، وأهل اليمن كانوا قد خلعوا نيره منذ قرون. وأشراف مكة كانوا متحمسين لمخالفة رئيسهم أكثر من النصارى. أما وحدة الاتجاه التي ترى الآن ما كانت يشعر بها في تلك الأيام إلا قليلا. المركز الروحي في مكة كان واقعا في حبل التنعم والتلذذ المادي، وتستطيع أن تجد عطفا وشفقة على كل شيء إلا على الزهد والورع، مع أنهم كانوا يشاهدون فتح النصارى للهند بأعينهم، وكانت الجيوش الكافرة تطوي فراش الأتراك، ولكن العرب قليلا ما يشعرون بهذه الحوادث. أما الغضب والنقمة الموجودان اليوم على فرنسا وبريطانية وروسيا، فقد كانا مفقودين بتاتا في تلك الأيام، وإذا عدم الغضب انعدم الحماس فكيف بالدعوة إلى الإسلام.

وخلاصة القول أن الإسلام كان متجها إلى الانحطاط. أما النهضة التي وصلت تياراتها إلى أفريقيا والصين في القرن التاسع عشر المسيحي، فقد كان من المستحيل أن يتوقعها أحد في ذلك الوقت٢.

نَجْد قبل ابن عبد الوهاب:

لقد رأيت لمحة قصيرة لحالة العالم الإسلامي، والديار المقدسة بالحكايات التي


١ أيضا.
٢ هوغارث penetration of arabia وقد ألف الكتاب في سنة ١٩٠٤ م.

<<  <   >  >>