للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولا تتحقق المتابعة إلا إذا وافقت العبادةُ الشريعةَ في أمور ستة: السبب، والجنس، والكيفية، والقدْر، والزمان، والمكان.

فإذا تعبَّد الإنسان للّه عبادةً بسببٍ غير مشروعٍ، فالعبادة مردودة مُبتدَعة، يُنكَر على فاعلها أن يفعلها.

مثال ذلك: لو أن الإنسان كلما خرجت منه ريح حمِدَ اللّه، أو كلما تجشَّأ حمِدَ اللّه، فنقول: هذه العبادة غير موافقة للشرع؛ لأنك حمدتَ اللّه على سببٍ لم يجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - سببًا للحمد، لو فُرِض أن الإنسان أُصيبَ بانحباس الريح، ثم فتح اللّه له ذلك، فحينئذٍ تكون نعمة متجددة إذا حمد اللّه عليها فإن ذلك صحيح.

في جنسها: لو أن الإنسان ضحَّى يوم عيدٍ بفرسٍ، فإن هذه الأُضحية لا تنفعه، ولا تُجزِئ؛ لماذا؟ لأنها ليست من جنس ما يُضحَّى، مخالفة للشريعة في الجنس، ما الذي يُضحَّى به؟ بهيمة الأنعام؛ الإبل، والبقر، والغنم.

لو أن رجلًا صلى الفجر ثلاث ركعات أو أربع ركعات، قلنا: لا يصح هذا؛ لماذا؟ لأنها مخالفة للشريعة في القدْر.

لو أن أحدًا توضَّأ فغسل رجلَيْه، ثم مسح رأسه، ثم غسل يديه، ثم غسل وجهه، لم يصح وضوؤه؛ لماذا؟ للاختلاف في الكيفية.

لو أن رجلًا صام رمضان في رجب، أراد أن يُقدِّم، وقال: هذا من المسابقة إلى الخيرات؛ هل يُجزِئ؟ لا؛ لماذا؟ لأنه مخالفٌ في الزمن.

ولو ضحَّى يوم عرفة، فالأُضحية لا تُجزِئ؛ لأنها مخالفة في الزمن، ولو ضحَّى يوم عيد الأضحى قبل الصلاة، لم تُجزِئ؛ لأنه مخالف للزمن.

ولو اعتكف الإنسان في بيته بدلًا عن المسجد، لم تصح؛ لأنها مخالفة في المكان.

الرياء: أن يعمل الإنسان العمل لله، لكن يريد أن يمدحه الناس به، هو لا يصلي للناس، ولكن يصلي لله، إنما يريد أن يمدحه الناس، فيقال: هذا رجل مصلٍّ، يُنفق للّه، لكن يريد أن يمدحه الناس بالإنفاق، هذا مُراءٍ.

فما حكم الرياء إذا خالط العبادة؟

نقول: يفسد العبادة، ولا تُقبل منه؛ بل يأثم بها؛ لأنه أشرك باللّه، والشركُ لا يُغفَر ولو كان أصغر، لعموم قول اللّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه: الشرك لا يغفره اللّه ولو كان أصغر، ولكن لا يعني ذلك أن الشرك

<<  <   >  >>