للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د: وَقَعَ فِي "كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ": (طويل)

وَلَا يَسْأَلُ الضَّيْفُ الغَرِيبُ إِذَا شَتَا

وَمَا فِي الْمَتْنِ فِي "كِتَاب ص" (١).

قَوْلُهُ: "رَمَيْتُ عَنِ القَوْسِ بِمَعْنَى بِالْقَوْسِ" (٢) الْكَلَامِ.

ط: قَدْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى رَمَيْتُ عَلَى القَوْسِ: رَمَيْتُ عَنْهَا. وَأَنَّ "عَلَى" بِمَعْنَى "عَنْ"، ثُمَّ ذَكَرَ هَا هُنَا أَنَّ "عَنْ" بِمَعْنَى "البَاءِ" فَحَصَلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ "عَلَى" بَدَلٌ مِنْ "عَنْ" وَ "عَنْ" بَدَلٌ مِنْ "البَاءِ"، فَهِيَ إِذَا بَدَلٌ عَنْ بَدَلٍ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لأَنَّ "عَنْ" فِي قَوْلِهِمْ: رَمَيْتُ عَنِ الْقَوْسِ لَيْسَتْ بِبَدَلٍ مِنْ شَيْءٍ، لأَنَّ مَعْنَى "عَنْ" التَّجَاوُزُ، كَقَوْلِكَ: خَرَجْنَا عَنِ البَلَدِ. وَهَذَا المَعْنَى مَوْجُودُ فِي الرَّمْي، لأَنَّ السَّهْمَ يَتَجَاوَزُ القَوْسَ وَيَصِيرُ عَنْهَا، فَهِيَ عَلَى بَابِهَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: رَمَيْتُ بِالقَوْسِ، لَيْسَتِ البَاءُ فِيهِ بَدَلًا مِنَ حَرْفٍ آخَرَ، لَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: رَمَيْتُ بِالحَجَرِ زَيْدًا. وَالْمَعْنَى: رَمَيْتُ السَّهْمَ بِالْقَوْسِ كَمَا تَقُولُ: دَفَعْتُهُ عَنْ نَفْسِي بِالسَّيْفِ. وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ اللُّغَوِيِينَ اسْتِعْمَالَ الْبَاءِ هَا هُنَا. وَقَالَ: لَا يَجُوزُ رَمَيْتُ بِالْقَوْسِ إِلَّا أَنْ تُلْقِيهَا عَلَى يَدِكَ. وَإِنَّمَا الصَّوَابُ: رَمَيْتُ عَنِ الْقَوْسِ (٣). قَالَ طُفَيْلُ: (طويل)

رَمَتْ عَنْ قِسِيِّ المَاسِخِيِّ رِجَالُنَا … بِأَجْوَدَ مَا يُبْتَاعُ مِنْ نَبْلِ يَثْرِبِ (٤)

وَإِنَّمَا أَنْكَرَ هَذَا الْمُنْكِرُ ذَلِكَ، لأَنَّهُ تَوَهَّمَ قَوْلَهُمْ: رَمَيْتُ بِالقَوْسِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: رَمَيْتُ بِالشَّيْءِ: إِذَا أَلْقَيْتَهُ عَنْ يَدِكَ. وَلَيْسَ المَعْنَى عَلَى مَا ظَنَّ، إِنَّمَا المَعْنَى: رَمَيْتُ السَّهْمِ بِالْقَوْسِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.


(١) رمز لابن صاحب الأحباس كما أشار في المقدمة.
(٢) أدب الكتاب: ٥٠٩، قال امرؤ القيس:
تصد ونبدي عن أسيل ونتقي … بناظرة من وحش وجرة مطفل
(٣) يعقوب في الإصلاح: ٣١٠.
(٤) ديوانه: ٢٨؛ الجمهرة: ٣/ ٤٩١؛ الاقتضاب: ٢/ ٢٧٣؛ الخصائص: ٢/ ٣٠٧ "رجالهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>