للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضَ [الأَسْمَاءِ] (١) عَلَى بَعْضِ" (٢).

"وَصَدْرُه: (طويل)

فَلَمَّا تَنَازَعْنَا الحَدِيثَ وَأَسْمَحَتْ (٣)

وَمَعْنَى "تَنَازَعْنَا الحَدِيثَ": تَدَاوَلْنَاهُ. حَدَّثَتْنِي مَرَّةً وَحَدَّثْتُهَا أُخْرَى. وَ"أَسْمَحَتْ": لَانَتْ بَعْدَ صُعُوبَتِهَا وَانْقَادَتْ بَعْدَ إِبَائِهَا. وَ"الهَصْرَ": الجَذْبُ. يُقَالُ: هَصَرْتُ الغُصْنَ فَانْهَصَرَ، أَيْ: جَذَبْتُهُ إِلَيَّ فَانْجَذَبَ. وَالشَّمَارِيخُ: العَرَاجِينَ، شَبَّهَ قَدَّهَا بِالغُصْنِ وَشَعَرَهَا بِالشَّمَارِيخِ.

وَفِي هَذَا البَيْتِ شَيْءٌ يَظُنُّهُ قَوْمٌ مُخَالِفًا لِمَا قَالَ.

قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي "كِتَابِهِ": "وَأَمَّا تَفَاعَلْتُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا وَأَنْتَ تُرِيدُ فِعْلَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعْمَلًا فِي مَفْعُولٍ لَا يَتَعَدَّى الفَاعِلَ إِلَى مَنْصُوبٍ، فَفِي "تَفَاعَلْنَا" تَلْفِظُ بِالمَعْنَى الَّذِي فَاعَلْتَهُ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: تَضَارَبْنَا وَتَرَامَيْنَا وَتَقَاتَلْنَا".

وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَقَدْ تَجِيءُ تَفَاعَلْتُ عَلَى غَيْرِ هَذَا كَمَا جَاءَ عَاقَبْتُ وَنَحْوُهَا، لا تُرِيدُ بِهِمَا الفِعْلَ مِن اثْنَيْنِ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: تَمَارَيْتُ فِي هَذَا وَتَرَاءَيْتُ لَهُ، وَتَقَاضَيْتُهُ وَتَعَاطَيْتُ مِنْهُ أَمْرًا قَبِيحًا" (٤).

فَلَمْ يُجِزْ سِيبَوَيْهِ تَعَدِّي "تَفَاعَلَ" إِلَى مَفْعُولٍ إِلَّا إِذَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُجِزْهُ إِذَا كَانَ مِن اثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَظٌّ فِي الفِعْلِ، وَالعِلَّة فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَكَ: تَفَاعَلْنَا قَدْ تَضَمَّنَ الفَاعِلَ وَالمَفْعُول الَّذِي فِي قَوْلِكَ: فَاعَلَ، أَلَّا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: ضَارَبْتُ زَيْدًا وَضَارَبَنِي زَيْدٌ، فَتَجْعَلُ أَحَدَهُمَا الفَاعِلَ وَالآخَرَ المَفْعُول، فَإِذَا قُلْتَ: [تَضَارَبْتُ] (٥)، لَمْ يُجِزْ أَنْ يَتَعَدَّى، لأَنَّكَ قَدْ أَسْنَدْتَ


(١) في الاقتضاب: ٢/ ٣٠٥: [الأشياء].
(٢) الاقتضاب: ٢/ ٣٠٥، وفيه الأشياء.
(٣) هو صدر بيت امرئ القيس. سبق تخريجه.
(٤) الكتّاب: ٣/ ١٥٦.
(٥) في الاقتضاب: ٣/ ٣٩٥: "تضاربتنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>