للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفِعْلَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَجَعَلْتَهُ فَاعِلًا، وَتَضَمَّنَ الكَلَامُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا ضَرَبَ صَاحِبَهُ، فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنَ التَّعَدِّي إِذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَفْعُولٌ خَارِجٌ عَنْكُمَا.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ "تَنَازَعْنَا الحَدِيثَ"، لأَنَّ فِي هَذَا مَفْعُولًا آخَرَ خَارِجًا عَنْهُمَا لَا حَظَّ لَهُ فِي إِسْنَادِ الفِعْلِ إِلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: نَازَعْتُ زَيْدًا الحَدِيثَ، فَتُعَدِّيهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ. فَإِذَا قُلْتَ: تَنَازَعْنَا الحَدِيثَ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذِكْرِ المَفْعُولِ الثَّانِي، لأَنَّ قَوْلَكَ: تَنَازَعْنَا إِنَّمَا تَضَمَّنَ أَحَدَ المَفْعُولَيْنِ وَلَمْ يَتَضَمَّنِ الآخَرَ.

فَإِذَا كَانَ الأمْرُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فَلَيْسَ فِيهِ نَقْضٌ لِمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ، لأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّ العِلَّةَ المَانِعَةَ مِنْ تَعَدِّيهِ تَضَمُّتُهُ المَعْنَى الَّذِي فِي نَازَعْتُهُ الحَدِيثَ كُلَّهُ، فَلِذَلِكَ تَعَدَّى.

عَلَى أَنَّ سِيبَوَيْهِ كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي فَاعَلَ الَّذِي يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ دُونَ فَاعَلَ المُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ. فَفِي كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الوَجْهِ نَقْصٌ عَنْ تَوْفِيةِ الغَرَضِ الَّذِي أَرَادَهُ" (١).

"وَزَادَ يَعْقُوبُ قَبْلَ قَوْلِهِ:

نَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَنَرْجُو بِالفَرَجْ … نَحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أَصْحَابُ الفَلَجْ

وَلَمْ يُسمِّ قَائِلَهُ.

وَ"الفَلَجُ": المَاءُ الجَارِي مِنَ العَيْنِ. وَ"الفَلَجُ": البِئْرُ الكَبِيرَةُ عَنِ ابْنِ كِنَاسَةَ (٢). وَمَاءٌ فَلَجٌ: جَارٍ. قَالَ عُبَيْدٌ: (مخلع البسيط)

أَوْ فَلَجٌ مَا بِبَطْنِ وَادٍ … لِلْمَاءِ مِنْ تَحْتِهِ قَسِيبُ (٣) (٤)


(١) الاقتضاب: ٣/ ٣٩٥ - ٣٩٦.
(٢) هو محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى المازني الأسدي، من شعراء الدولة العباسية، كان عالمًا بالعربية وأيام العرب، راوية الكميت. (ت ٢٠٧ هـ). ترجمته في: تاريخ بغداد: ٥/ ٤٠٧؛ ميزان الاعتدال: ٣/ ٨٣؛ تهذيب التهذيب: ٩/ ٢٧٤. والكلام في ديوان عبيد (برواية ابن كناسة): ٢٥.
(٣) البيت في ديوانه: ٢٥؛ العين ٥/ ٨٤؛ جمهرة أشعار العرب: ١/ ٤٦١.
ويروى: "للماء من بينه". الخزانة: ٩/ ٥٢٢؛ المغني: ٢/ ٣٦٧.
(٤) الاقتضاب: ٣/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>