للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لَجَمُودُ" بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ فِيهِ. وَلَوْ قُلْتَ إِنَّ الضَّارِبَ أَخُوكَ زَيْدًا أَوْ: إِنَّ خَارِجًا غَيْرُ مُصِيبٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: إِنَّ الضَّارِبَ زَيْدًا أَخُوكَ، وَإِنْ خَارِجًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ مُصِيبٍ، فَالْجَوابُ أَنَّ الْعَشِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ يَوْمٍ، وَالْمُبْدَلُ يُقَدَّرُ مِنْ جُمْلَةٍ أُخْرَى وَيُقَدَّرُ مَعَهُ إِعَادَةُ الْعَامِلِ بِدَلِيلِ ظُهُورِهِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ (١) جَازَ ذَلِكَ.

وَقَدْ أَجَازَ النَّحْوِيُونَ تَأْخِيرَ الصِّفَةِ بَعْدَ الْخَبَرِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ زَيْدًا خَارِجٌ الْكَرِيمَ، وَالصِّفَةُ أَشَدُّ اتِّصَالًا بِالْمَوْصُوفِ مِنَ الْبَدَلِ، وَأَجَازُوا ذَلِكَ فِي الْمَعْطُوفِ كَقَوْلِكَ: "إِنَّ زَيْدًا خَارِجٌ وَعَمْروًا وَعَمْرٌو، عَلَى اللَّفْظِ وَعَلَى الْمَوْضِعِ"، وَإِذَا جَازَ فِي الصِّفَةِ كَانَ فِي الْبَدَلِ أَجْوَزَ. وَأَنْشَدَ: (طويل)

رَمَتْهُ أَنَاةٌ البيت (٢)

وَهُوَ لِأَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ (٣)، وَاسْمُهُ الْهَيْثَمُ بْنُ الرَّبِيعِ.

وَمَعْنَى رَمَتْهُ: أَي قَتَلَتْهُ بِمَحَايِنهَا وَصَادَتْهُ بِعَيْنَيْهَا، فَكَأَنَّهَا رَمَتْهُ مِنْ أَلْحَاظِهَا بِسَهمٍ قَتَلَهُ، وَالشُّعَرَاءُ يُشَبِّهُونَ الْعُيُونَ بِالسِّهَامِ وَالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ.

وَالْأَناةُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي فِيهَا فُتُورٌ عِنْدَ الْقِيَام لِثِقَلِ أَرْدَافِهَا، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْوَنَى وَهُوَ الْفُتُورُ.

وَالْهَمْزَةُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَأَكْثَرُ مَا تُبْدَلُ مِنْهَا الْهَمْزَةُ


(١) سورة الأعراف (٧): الآية ٧٤.
(٢) تمامه:
رَمَتْهُ أَنَاةٌ مِنْ رَبِيعَةِ عَامِرٍ … نَؤُومِ الضُّحَى فِي مَأْتَمٍ أَيِّ مَأْتَمٍ
ديوانه: ٧٥؛ أمالي ابن الشجري: ١/ ١٨٥؛ شرح الحماسة للمرزوقي: ٨/ ١٣؛ شرح المفصل: ١٠/ ١٤.
(٣) في الأصل (خ): "مية"، والصواب ما أثبتناه. وهو الهيثم بن الربيع بن زرارة من بني نمير بن عامر، أبو حية، شاعر مجيد فصيح من أهل البصرة، توفي نحو سنة (١٨٣ هـ). الشعر والشعراء: ٧٧٤؛ الأغاني: ١٦/ ٣٠٧؛ الخزانة: ١٠/ ٢١٧؛ التاج: ١٠/ ١٠٧؛ الأعلام: ٨/ ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>