للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضِدُّ مَا يُظْهِرُهُ مِنَ التَّحَفِّي بِهِ كَمَا يُكْنَى الذِّئْبُ أَبَا جَعْدَةً، وَجَعْدَةٌ: الشَّاةُ وَلَيْسَ أَبًا لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ عَدُوُّهَا، وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ يُكْنَى عَنْهَا بِالطِّلَاءِ وَلَيْسَتْ طَلَاءً فَصَارَ مَثَلًا لِمَنْ يُظْهَرُ لَهُ الْبِرُّ وَالْإكْرَامُ وَالْمُرَادُ بِهِ ضِدُّ ذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ الذِّئْبَ يُكْنَى وَلَيْسَ ذَلِكَ لِكَرَامَتِهِ كَقَوْلِ الْعَامَّةِ: "لَيْسَ مِنْ كَرَامَةِ الدِّيكِ تُغْسَلُ رِجْلاهُ".

وَهَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ هَكَذَا وَهُوَ فَاسِدُ الْوَزْنِ يَنْقُصُ مِنْ شَطْرِهِ الْأَوَّلِ جُزْءٌ، وَذَكَرَ أَنَّ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدٍ أَصْلَحَهُ فَقَالَ: (متقارب)

هِيَ الْخَمْرُ يَكْنُونَهَا بِالطِّلَاءِ … كَمَا الذِّئبُ يُكْنَى أَبَا جَعْدَهْ (١)

وَهُوَ بَيْتٌ مِنَ الْمُتَقَارَبِ مُقَيَّدٌ أَبْتَرُ. وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ لَا يُقِيمُ وَزْنَ كَثِيرٍ مِنَ الشِّعْرِ.

وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قِبَلِ عَبِيدٍ، وَفِي شِعْرِهِ أَشْيَاءٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْعَرُوضِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَيُرْوَى بِرَفْعِ "الذِّئْبِ" وَخَفْضِهِ، فَالرَّفْعُ عَلَى الْإِبْتِدَاءِ، وَ "مَا" كَافَّةٌ تَدْخُلُ عَلَى الْفِعْلِ فَتَكَفُّهُ عَنِ الْعَمَلِ كَالَّتِي فِي قَوْلِكَ: إِنَّمَا زَيْدٌ قَائِمٌ، وَالْخَفْضُ عَلَى زِيَادَةِ مَا تَوْكِيدًا كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ (٢)، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنْشَدَ الْأَخْفَشُ هَذَا الْبَيْتَ: (وافر)

وَجَدْنَا الْحُمْرَ مِنْ شَرِّ الْمَطَايَا … كَمَا الْحَبِطَاتُ شَرُّ بَنِي تَمِيمٍ (٣) " (٤)

قوله: "وَالْمَقَدِّي" (٥).

د: مَقَدِّيٌّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا مَقَدٌّ (٦).


(١) ديوانه: ٣.
(٢) سورة النساء (٤): الآية ١٥٤؛ سورة المائدة (٥): الآية ١٤.
(٣) البيت في الحيوان: ١/ ١١٠؛ خزانة الأدب: ٤/ ١٠ منسوب لزياد الأعجم.
(٤) الاقتضاب: ٣/ ١٤٩.
(٥) أدب الكتاب: ١٦٦.
(٦) قرية بالشام، وقال الحازمي: قرية بحمص مذكورة بجودة الخمر، معجم البلدان: ٥/ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>