للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن قسرت وأسرت، وجبرتهم من صدع النوائب حين حطمت وكسرت، وسكنت عنهم بحار الخطوب بعد أن طمت، وأوقفت دونهم رياح الفتن بعد أن حطمت. وعادت محجتها بيضاء من الحق وكانت سوداء من الباطل، وأوفت أهلَ الفضلِ ديونهم، وكم أوفت على الغرير المماطل بما شملها من أيام مولانا السلطان العادل، الملك الناصر صلاح الدنيا والدين، منقذ بيت الله المقدس من الكفرة المشركين، أبى المظفر يوسف ابن أيوب، محيي دولة أمير المؤمنين، الذي ملكها فما جار بل عدل، وسلكها فما حاد عن طريق الحق ولا عدل. وأثارت رياح عزائمه سحاب جوده وسرت الدنيا وسائر أهلا بوجوده، وأحيا طلل المجد بعد أن كان دائراً، وشعر بفضله فأضحى بسيفه ورمحه للبرود والرءوس من الكماة ناظماً وناثراً. ونجله الملك الأفضل العالم العادل، المجاهد المرابط. المؤيد المظفر، المنصور، نور الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، محيي العدل في العالمين، منصف المظلوم من الظالمين، قامع الكفرة والمشركين، قاهر الخوارج والمتمردين قسيم الدولة، فخر الأمة مجير الملة، ناصر أمير المؤمنين، الذي سرت مآثره شهباً في ظلمات الخطوب، وظهرت مكارمه بشراً في وجه الزمان بعد كثرة القطوب، وأدلجت بنات الأفكار في ليل الغرائب إليه؛ فحمدت عند الصباح وجه السرى، وأقسم الزمان بأن نظير مجده ما رآه، ولا يرى.

وإذا نظرتَ إليه قلتَ كأنهُ ... بدرُ الدجى إن لاحَ أو ليثُ الشرى

فلله هو من ملك ما أوسع صدره وأفسحه، وأعذب لفظه وأفصحه، وأمنع جاهه وأحصنه، وأجمل أدبه وأحسنه، وأسح جوده وأمطره، وأطيب ذكره وأعطره. إن ذكرتَ الكرم فهو أوسه وخاتمه، وإن ذكرت المجد فهو فاتحه وخاتمه، أو وصف البأس فعنترة فيه خادمه. قد اختالت به

<<  <   >  >>