واستدرج النبوة من بين جنوبهم من غير وحي إليهم، وأخبر بأنه عزَّ وجلَّ يأخذهم بما يأخذ بِهِ الأنبياء إلَّا الوحي.
وجعل حرمتهم عَلَى المؤمنين كحرمة أمهاتهم عليهم احتراما ومبرة.
وآمنهم من أن تحرقهم النار أو يلجوها إلَّا تحلة القسم، كل ذَلِكَ بينه عز وجل فِي نص تنزيله، وعلى لسان نبيَّه عَلَيْهِ الصلاة والسلام.
ومن وراء جميع ما ذكرته خص علماءهم بخلة مستخلصة لهم دون غيرهم من علماء الشريعة، وهي ائتمام الأمة بهم فِي كتابه عَن آخرها عَلَى اختلاف نحلها ومذاهبها من غير نزاع ولا مخالفة، فأعظم بهن من فضائل وخصائص وأكرم، وإن لم يحصل المرء المسلم إلَّا عَلَى مجرد حفظه دون تبطن فِي معناه، أو منازلة لجميع موجبه ومقتضاه، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد قَالَ:«لو جعل القرآن فِي إهاب، ثُمَّ ألقي فِي النار ما احترق» أي: من علمه الله القرآن من المسلمين وحفظه إياه، لم تحرقه النار يوم القيامة إن ألقي فيها بالذنوب، كذلك قيل فِي معنى الخبر.
وقد قَالَ أَبُو أمامة الباهلي رضي الله عَنْهُ: اقرؤا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف، فإن الله لا يعذب بالنار قلبا وعى القرآن.