المعتزلة لقوله تعالى ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)﴾ وسعى غيره ليس سعيه وما قصه الله تعالى من غير انكار يكون شريعة لنا والجواب لأبطال قولهم ولنفى التخصيص بغير البدنية مما يبلغ مبلغ التواتر من الكتاب والسنة وقد اطال في ذلك من التحقيق كما هو دأبه رحمه الله تعالى * وما نقله عن الشافعي هو المشهور عنه كما ذكره الإمام النووى، وذكر العلامة ابن حجر الهيتمي في بعض فتاويه أن المختار الوقف في هذه المسئلة عند الشافعية ويدفعه ما ذكره العلامة ابن الهمام من الآيات والاحاديث فراجعه ان شئت نعم قال شيخ الإسلام القاضي زكريا أن مشهور المذهب محمول على ما إذا قرأ لا بحضرة الميت ولم ينو ثواب قراءته له أو نواه ولم يدع (وقال) في البحر واما قوله ﵊ لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد عن أحد فهو في حق الخروج عن العهدة لا في حق الثواب فإن من صام او صلى أو تصدق وجعل ثوابه الغيره من الاموات والاحياء جاز ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة كذا في البدائع وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوى به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره لإطلاق كلامهم، ولم ار حكم من أخذ شيأ من الدنيا ليجعل شيأ من عبادته للمعطى وينبغى أن لا يصح ذلك وظاهر إطلاقهم يقتضى أنه لا فرق بين الفرض والنفل فإذا صلى فريضة وجعل ثوابها لغيره فإنه يصح لكن لا يعود الفرض في ذمته لأن عدم الثواب لا يستلزم عدم السقوط عن ذمته ولم اره منقولا انتهى كلام البحر (قلت) نازعه العلامة المقدسي في شرح نظم الكنز فقال (١) واما جعل ثواب فرضه لغيره فمحتاج إلى نقل انتهى (ورأيت) في شرح تحفة الملوك تقييده بالنافلة حيث قال يصح أن يجعل الإنسان ثواب عبادته النافلة لغيره الخ، لكن يؤيد الإطلاق ما في حاشية الشرنبلالي على الدرر عند قول المتن ومن أهل بحج عن ابويه فعين صح حيث قال وتعليل المسئلة بأنه متبرع بجعل ثواب عمله لأحدهما يفيد وقوع الحج عن الفاعل فيسقط به الفرض عنه وإن جعل ثوابه لغيره، قاله في الفتح ومبناه على أن نيته لهما تلغو بسبب أنه مأمور من قبلهما او احدهما فهو معتبر فنقع الافعال عنه البتة وإنما يجعل لهما الثواب انتهى ويفيد ذلك الأحاديث التي رواها الكمال انتهى وسيأتي ما يرد عليه آخر الرسالة (فإن قلت) قول صاحب البحر ولم ار حكم من أخذ شيأ من الدنيا ليجعل ثواب عبادته للمعطى وينبغى أن لا يصح ذلك أن أراد به العبادة
(١) ومن جعل ثواب عمله لغيره جاز في التطوعات والمفروضات وقيل لا يجوز في المفروضات كذا في مجموعة همتي افندى عن جامع الفتاوى منه