للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماضية فظاهر لأنَّه مجرد بيع الثواب والمبيع لابد أن يكون مالا متقوما او منفعة مقصودة من العين تحصل بعد العقد كسكنى الدار مثلا وان أراد به العبادة المستقبلة يفيد انه لا يصح الاستئجار على نحو القراءة المجردة وذلك مخالف لما ذكره في كتاب الوقف حيث ذكر انهم صرحوا في الوصايا بأنه لو اوصى بشيء لمن يقرأ عند قبره فالوصية باطلة واستظهر بحثا من عنده أنه مبنى على قول أبي حنيفة بكراهة القرآءة عند القبر والفتوى على قول محمد وذكر أن تعليل صاحب الاختيار لبطلان الوصية بان اخذ شيء للقراءة لا يجوز لأنَّه كالاجرة مبنى على غير المفتى به من جواز أخذ الاجرة على القراءة فاى العبارتين أصح (قلت) بعد علمك بما قدمناه من أن القول بأخذ الاجرة على الطاعة الذي هو المفتى به عند المتأخرين مقصور على ما فيه ضرورة علمت أن العبارة الأولى هى الصحيحة، المعتمدة الرجيحة، وإن تعليل الاختيار، هو المختار، وهو الموافق للمعقول، ولما قدمناه من صريح النقول، فإنه لا ضرورة إلى أخذ الاجرة على القراءة بخلاف تعليم القرآن، فإن الضرورة داعية إليه خوفا من ضياع القرآن، وقد علمت أن جل المتون واجلها صرحوا بعدم الجواز على الاذان والامامة مع انهما من أعظم شعائر الإسلام، ولم ينظروا إلى ما في ضياعهما من الضرر العام، فما بالك بالاشتراء بآيات الله ثمنا قليلا، فأي ضرر إليه ليكون على جوازه دليلا، مع ما سمعته من النقول عن الامامين الجليلين مالك والشافعى من عدم وصول الثواب بدون اجرة في العبادات البدنية كالقرائة ونحوها فكيف بالاجرة، وفى تقييد أهل المذهب بالتعليم كما سمعته من عباراتهم السابقة مع قطع النظر عن التعليل دلالة واضحة عليه وقد صرحوا بان مفاهيم الكتب حجة، ثم رأيت العلامة الشيخ خير الدين الرملي في حاشيته على البحر رد على صاحب البحر حيث اعترض العبارة الثانية بعين ما ذكرته كما ستسمعه فلله الحمد على آلائه، وتواتر نعمائه، على أن القراءة في نفسها عبادة وكل عبادة لا بد فيها من الإخلاص لله تعالى بلا رياء حتى تكون عبادة يرجى بها الثواب وقد عرفوا الرياء بان يراد بالعبادة غير وجهه تعالى فالقارئ بالاجرة ثوابه ما أراد القراءة لاجله وهو المال قال صلى الله تعالى عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) رواه البخاري وغيره وإذا كان لا ثواب له لم تحصل المنفعة المقصودة للمستأجر لأنَّه استأجره لاجل الثواب فلا تصح الإجارة (فإن قلت) اذا لم تجز الإجارة على القرائة المجردة فليكن المدفوع صلة للقارئ إذا كان معينا لا اجرة

<<  <  ج: ص:  >  >>