للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتاوى المذكور مجهول فالله اعلم به على انه لو ثبت خلاف محمد فى المسئلة لا يعدل عن قول ابى حنيفة وابي يوسف الذي مشى عليه اصحاب المتون وغيرهم * ولاسيما والتعبير بقوله خلافا لمحمد مشير الى ضعفه ولو كان لمحمد خلاف في هذه المسئلة لتمسك به البزازى ومن تابعه ولم يعدل عن النقل عنه الى النقل عن المالكية * على ان البزازي لم يدع ان ذلك قول فى المذهب بل دعواه انه مما انعقد عليه اجماع الائمة وقد تيقنت بطلانه مما نقلناه لك وان المجمع عليه هو الحكم بكفر الساب وقتله قبل التوبة وليس ذلك محل النزاع وانما كلامنا في قبول توبته ودرء القتل عنه بالاسلام كما هو حكم سائر المرتدين (فان قلت) سلمنا ان مذهب الحنفية قبول توبته وانه لا خلاف عندهم في ذلك ولكن مرادهم قبول توبته بينه وبين ربه تعالى بمعنى انه يموت مسلما ولا ينافي ذلك لزوم قتله لأنه جزاؤه في الدنيا لكن زنا او سرق ثم تاب لا يسقط جزاؤه الدنيوى بتوبته وح فلا مخالفة بين كلام البزازى ومن تبعه وبين كلام غيره (قلت) من تحقق مناط الخلاف لم يخف عليه الجواب فاعد النظر مرة اخرى الى العبارة التي نقلناها عن الشفا تراها صريحة فى ان الخلاف فى لزوم القتل وعدمه وكذا عبارة شيخ الاسلام ابن تيميه فى الصارم المسلول وكذا عبارة ابي يوسف في الخراج حيث قال فان تاب والا قتل فعلق القتل على عدم التوبة لا على السب وكذا عبارة شرح الطحاوى حيث قال وحكمه حكم المرتدين وكذا عبارة الحاوى حيث قال لا توبة له سوى تجديد الايمان وكذا عبارات متون المذهب قاطبة حيث قالوا يعرض على المرتد الاسلام فان تاب والا قتل وقد اشرنا فى اثناء كلامنا عند ذكر هذه النقول الى دفع هذا السؤال (فان قلت) ان مذهب الحنفية ان كل معصية ليس فيها حد مقدر يجب التعزير فيها وانه مفوض الى رأى القاضى وانه قد يكون بالقتل في بعض المواضع لبعض أهل الكبائر كالاعونة والظلمة ومن اعتاد قتل الناس بغير محدد كالخناق وكاللوطى ونحوهم مما ذكروه وكن رأى رجلا يزني بمحرمه على ما فيه من الخلاف فليكن كلام البزازى ومن تبعه مبنيا على ذلك اذ لا شك ان هذا الساب الشقى اللعين اقبح اهل الكبائر غاية ما فى الباب ان البزازى تجوز عن التعزير بالحد (قلت) لا شك ان هذا الساب مرتد والمرتد له جزاء مقدر قبل توبته وهو القتل ونحن قد حققنا ان القتل حد المرتد وانه لا يلزم من كونه حدا ان لا يسقط بالتوبة فلا يسمى قتله تعزير الخروج التعزير عن تعريف الحد بقيد التقدير كما بيناه سابقا * فان كان مرادك انه يعزر قبل التوبة بالقتل فلا حاجة الى تسميته تعزيرا ولا نزاع لاحد في لزوم قتله ان لم يتب * وان كان مرادك انه بعد التوبة يقتل تعزيرا لدخوله تحت

<<  <  ج: ص:  >  >>