خلاف الظاهر فان ما قدمناه مطلق شامل لما بعد الاخذ والرفع الى الحاكم لان هذا معنى قولهم حكمه حكم المرتد والا فهو مخالف له فدعوى تخصيصه تحتاج الى نقل عن ائمة المذهب ولم نر احدا نقل عنهم ذلك * على انه لا يمكن التوفيق بعد دعوى التخصيص بما ذكر فان البزازى وصاحب الفتح صرح كل منهما بانه يقتل قبل الاخذ وبعده فمن اين يحصل التوفيق بل تبقى المنافاة بين القولين قطعا وصار هذا قولا اخر فالاقوال ح ثلاثة واذا تعارض كلام اهل المذهب الذين هم المجتهدون مع كلام غيرهم من المتأخرين بلا استناد منهم الى نقل عن المجتهدين تتبع اهل المذهب المجتهدين فانك قد سمعت ما نقلناه عن فتح القدير من قوله انه لا اعتبار بكلام غير المجتهدين * فالا برأ للذمة ما صرح به الامام ابو يوسف والامام الطحاوى وغيرهما من اهل المذهب وغيرهم حتى نرى نقلا صريحا يخالفه عمن يكون مثلهم وفي رتبتهم فح تثبت التعارض بين القولين ونطلب الترجيح من اهله لا من قبل انفسنا وما لم نر نقلا لا نعدل عن المجتهدين كيف وقد راينا من جاء بعد البرازى وصاحب الفتح قد انكروا عليهما ذلك وصرحوا بأنه ليس مذهبنا * ومتابعة العلامة ابن نجيم لهما في كتابيه البحر والاشباه لا تفيد خصوصا مع انكار اهل عصره عليه بذلك كما قدمنا نقله عن الحموى * وقد علمت ايضا صريح كلام العلماء الراسخين من غير اهل مذهبنا كالقاضي عياض والطبرى وابن تيمية والسبكى بان مذهب ابي حنيفة واصحابه ان ذلك ردة يستتاب منها فان تاب والا قتل على خلاف ما يقوله الامام مالك والامام احمد وهل تكون استتابته الا بعد رفعه الى الحاكم (واما) كونه قد صار زنديقا بهذا الكلام. ففيه ما لا يخفى على ذوى الافهام * نعم الواقع في عبارة صاحب الشفاء ان حكمه حكم الزنديق وهذا يفيد اتحاد حكمهما على مذهبه بمعنى ان كلا منها لا تقبل توبته بالنسبة الى القتل * واما انه صار زنديقا فهو فى حيز المنع * فان الزنديق كما في فتح القدير وغيره من لا يتدين بدين ويظهر تدينه بالاسلام كالمنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الاسلام وطريق العلم بحاله اما بان يعثر بعض الناس عليه او يسر اعتقاده الى من امن اليه وكل منهما يقتل ومثلهما الساحر. قال في البحر عن الخانية وقال الفقيه ابو الليث اذا تاب الساحر قبل ان يؤخذ تقبل توبته ولا يقتل وان اخذ ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل وكذا الزنديق المعروف الداعي والفتوى على هذا القول انتهى * وقال صاحب الخلاصة وفى النوازل الخناق والساحر يقتلان لانهما ساعيان فى الأرض بالفساد فان تابا ان قبل الظفر بهما قبلت توبتهما وبعدما اخذا لا تقبل ويقتلان كما فى قطاع الطريق وكذا الزنديق المعروف الداعى