للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا خصص له تخصص والا بقى على اطلاقه ومعلوم أن الاذن يبطل بموت الآذن له وبموت الماذون له وعزله فلابد لكل قاض من اذن جديد فإن كان سلطان زماننا ايده الله تعالى بنصره أذن بذلك للقاضى الذى يسمع تلك الدعوى صح وإلا فلا وفى ادب القضاة من الفتاوى الخيرية (سئل) فيما لو منع السلطان قضاته عن سماع ما مضى عليه خمس عشرة سنة من الدعاوى هل يستمر ذلك أبدًا أولًا (اجاب) لا يستمر ذلك أبدًا بل إذا اطلق السماع للمنوع بعد المنع جاز وكذا لو ولى غيره واطلق له ذلك يجرى على اطلاقه فيسمع كل دعوى وكذا لومات السلطان وولى سلطان غيره فولى قاضيًا ولم يمنعه بل اطلق له قائلا وليتك لتقضى بين الناس جاز له سماع كل دعوى إذا اتى المدعى بشرائط صحتها الشرعية* والحاصل أن القاضى وكيل عن السلطان والوكيل يستفيد التصرف من موكله فإذا خصص له تخصص وإذا عمم تعمم والقضاء يتخصص بالزمان والمكان والحوادث والاشخاص وإذا اختلف المدعى والمدعى عليه فى المنع وإلا طلاق فالمرجع هو القاضى لأن وجوب سماع الدعوى وعدمه خاص به لا تعلق للمتداعيين به فإذا قال منعنى السلطان عن سماعها لا ينازع في ذلك وإذا قال اطلق لى سماعها كان القول قوله مالم يثبت المحكوم عليه المنع بالبينة الشرعية بعد الحكم عليه لخصمه فيتبين بطلان الحكم لأنه ليس قاضيًا فيما منع عنه فحكمه حكم الرعية في ذلك وإذا اتاه خبر بالمنع من عدل أو كتاب أو رسول عمل به كما يعمل بالمشافهة من السلطان ومن علم أنه وكيل عنه وعلم احكام الوكيل استخرج مسائل كثيرة تتعلق هذا المبحث وهان الأمر وانكشف له الحال والله تعالى أعلم انتهى ما في الخيرية (فإن قلت) سلمنا أن القاضى وكيل عن موليه لكن نقل العلامة الحموى في حاشية الاشباء من كتاب القضاء عن بعض العلماء أنه علم من عادة سلاطيننا نصرهم الله تعالى أنه إذا تولى سلطان عرض عليه قانون من قبله وأخذ امره باتباعه* قال الحموى اقول اخبرنى استاذى شيخ الإسلام يحى افندى الشهير بالمنقارى أن السلاطين الآن يأمرون قضاتهم في جميع ولاياتهم أن لا يسمعوا دعوى بعد مضى خمس عشرة سنة سوى الوقف والارث انتهى (قلت) أخذ الأمر باتباع السلطان لمن قبله بمعنى أنه يلزم نفسه باتباع قانون من قبله أي أنه إذا ولى قاضيًا مثلًا يأمره بما كان من قبله يأمر قضاته به وهذا لا يلزم منه أن تكون قضاته مامورين بالأوامر السابقة بل لا بدله حين التولية أن يأمره بذلك* فلو قال لرجل وليتك قضاء الشام مثلًا فقد صار نائبا عنه مطلقًا فإذا قال له وانهاك أن تسمع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة صار ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>