للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخصيصًا للاطلاق وصار معزولًا عن سماعها وحكمه حكم الرعية فيها * ومما هو محقق في قضاة زماننا أنه يكتب للقاضى منهم في منشوره تقييده بالحكم بما صح من أقوال أبى حنيفة فليس له أن يحكم بالضعيف ولا بالمرجوح فضلًا عن الحكم بمذهب المالكي أو الحنبلي إلا إذا استثنى له مسئلة الساب وكون المرحوم السلطان سليمان استثناها لقضاة ممالكه إذا لم يظهر حسن توبته وإسلامه لا يلزم منه أن تكون مستثناة القضاة زماننا بل لو ولى سلطان زماننا ايده الله تعالى قاضيًا وامره بالحكم بما صح من قول أبى حنيفة إلا في مسئلة الساب ثم عزله وولاه مرة ثانية أو ولى غيره لا بد له من أمر جديد واستثناء جديد كما لو وكل وكيلًا وكالة مطلقة الا كذا ثم عزله ووكله ثانيًا وكالة مطلقة ولم يستثن له شيئا (فإن قلت) المظنون بهم من الخير والصلاح والوفاء بالعهد انهم لا يولون القضاة الأعلى حسب ما عهد إليهم حتى صار ذلك عرفًا شائعًا معلومًا عندهم ولا يحتاج أن ينص لكل قاض في منشوره على ذلك بل العرف المذكور يفيده حيث كان القاضي كالوكيل وقد صرحوا بانه لو وكل رجلًا بشراء شئ وكان سعره معروفًا فاشتراه بازيد لا ينفذ على الموكل وكذا لو وكله بيع شئ فباعه بالنسيئة إلى أجل لا يباع إلى مثله عادة لا ينفذ عليه وما ذاك الا لما صرحوا به من أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا ويؤيد ذلك ذكرهم في الكتب عدم سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة للامر السلطاني فلو لم يكن الحال كما ذكرنا لاحتاجوا أن يقيدوا ذلك بزمن السلطان الآمر أو أن ورد أمر حادث من كل سلطان ولو كان ينقضى حكمه بالعزل أو الموت لم يكن لذكرهم ذلك فى الكتب كبير فائدة (قلت) هذا كلام حسن فإن من رأيناه من أهل الافتاء ومن قبلهم لا يزالون يفتون بعدم سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة ويعللون ذلك بالنهى السلطاني عن سماعها مع أن لم نتحقق النهى من كل سلطان لكل قاض فالظاهر بناء ذلك على ما ذكر فى السؤال فإن هذه المسئلة مما شاعت وزاعت بين الخاص والعام حتى أن القاضى إذا أراد سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة يعرض للدولة العلية حتى يأذن له حضرة السلطان بسماعها ولكن مسئلة الساب لم يشتهر أمر السلطاني سليمان بها حتى أنه لا يعرف ذلك الاخواص الخواص * لكن قد يقال هي داخلة في عموم العهد الذى يلتزمه كل سلطان من سلاطين زماننا فلا يولون القضاة الأعلى حسب ما التزموه من العهد بناء على ماهو المظنون بهم من الخير والصلاح لكن إذا كان ذلك مبنيا على هذا الظن كان ذلك شبهة في اسقاط الحدود فان حكم القاضي بأن حد الساب القتل لا ينفذ حتى يثبت أنه ماذون له بذلك على مذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>