فيخاف على من وقع فيه بسب أو عيب أو تنقص أو أمر ما أن يخذله الله تعالى ولا يرجع له ايمان ولا يوفقه لهدايته ولهذا ترى الكفرة في القلاع والحصون متى تعرضوا لذلك هلكوا وكثير ممن رأيناه وسمعنا به تعرض لشيء من ذلك وإن نجا من القتل في الدنيا بلغنا عنهم خاتمة ردية نسأل الله تعالى السلامة وليس ذلك ببدع لغيرة الله تعالى لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وما من أحد وقع في شيء من ذلك في هذه الأزمنة مما شاهدناه أو سمعناه الا لم يزل منكوسا في اموره كلها في حياته ومماته فالحذر كل الحذر والتحفظ كل التحفظ وجمع اللسان والقلب عن الكلام في الأنبياء إلا بالتعظيم والإجلال والتوقير والصلاة والتسليم وذلك بعض ما أوجب الله تعالى لهم من التعظيم.
(الفصل الثالث) في حكم الساب من أهل الذمة قال الإمام السبكى في السيف المسلول قال أبو سليمان الخطابي قال مالك من شتم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم وكذا قال أحمد * وقال الشافعي يقتل الذمي إذا سب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتبرأ منه الذمة واحتج في ذلك بخبر كعب ابن الأشرف * وحكى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال لا يقتل الذمي بشتم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأن ما هم عليه من الشرك أعظم وقال القاضي عياض إما الذى إذا صرح بسب أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذى كفر به فلا خلاف عندنا في قتله أن لم يسلم لانا لم نعطه الذمة والعهد على هذا وهو قول عامة العلماء إلا أبا حنيفة والثورى واتباعهما من أهل الكوفة فإنهم قالوا لا يقتل لأن ما هو عليه من الشرك أعظم ولكن يؤدب ويعزر * وقال الإمام السبكي أيضًا ما حاصله لا أعلم خلافًا بين القائلين بقتله من المذاهب الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة في أنه لا تصح توبته مع بقائه على الكفر إما إذا أسلم ففي كل من المذاهب الثلاثة خلاف إما المالكية فمن مالك روايتان مشهورتان في سقوط القتل عنه بالإسلام وإن قالوا في المسلم لا يسقط القتل عنه بالإسلام بعد السب أي على الرواية المشهورة عن مالك خلافًا لرواية الوليد عنه وإما الحنابلة فكذلك عندهم في توبة الساب ثلاث روايات أحداها تقبل توبته مطلقًا أي مسلمًا كان أو كافرًا الثانية لا تقبل مطلقًا الثالثة تقبل توبة الذمى بالإسلام لا توبة المسلم والمشهور عندهم عدم القبول مطلقًا * وأما الشافعية فالمشهور عندهم القبول مطلقًا * وأما استتابته فإن قلنا لا يسقط القتل عنه بالإسلام فلا يستتاب وإن قلنا يسقط فقد ذهب بعض العلماء أيضًا إلى أنه لا يستتاب ويكون كالاسير الحربي يقتل قبل الاستتابة فإن أسلم سقط عنه القتل وهذا وجه في مذهب أحمد على الرواية بسقوط