للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغوية العامة وقد سمعت أيضًا أن نص الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة وأنه تجرى فيه أقسام النص الشرعى من المفسر والظاهر والمشترك والمجمل فحيث كان العرف ما قلنا وجب الحمل عليه وإذا علمت ذلك فما ذكره العلامة ابن المنقار عن الإمام السبكى من أنه افتى بالقسمة بالسوية فيمكن الجواب عنه بأنه لم يشتهر في زمنه إطلاق الفريضة الشرعية على المفاضلة كما هو المتعارف في زماننا وإذا لم يشتهر ذلك في زمنه فالاصل القسمة بالسوية لعدم ما يفيد خلافه واما ما نقله عن الإمام السيوطي فستعرف ما فيه (واما) ما صرح به ابن الهمام من أن العرف غير معتبر في المنصوص عليه لأنَّه يلزم ابطال النص فنقول بموجبه ولكن لا نسلم ورود النص في مسئلتنا كما علمته مما قدمناه ولو سلمنا أنه وارد في مسئلتنا وانه دال على كراهة المفاضلة في الوقف فلا يلزم ابطال النص لأن قولهم أن العرف غير معتبر في المنصوص عليه معناه أنه لا يعتبر في تغيير حكم النص لا بمعنى أنه تبطل دلالة ألفاظه على المعاني المتعارفة (بيان) ذلك أنه لو ورد نص بكراهة شيء أو بحرمته ثم جرى تعامل الناس وعرفهم على خلاف ما ورد به النص نقول أن العرف لا يغير حكم النص وهو الكراهة أو الحرمة ولا يجعل ذلك الشيء المتعارف مباحا لأن العرف غير معتبر في المنصوص عليه فيجب اتباع النص وعدم اعتبار العرف والإلزم ابطال النص وإذا لم نعتبر العرف لذلك لا نقول انها تبطل دلالة الالفاظ العرفية على معانيها المتعارفة المخالفة للنص، فإذا فرضنا أن النص ورد بكراهة المفاضلة في باب الوقف وتعارف الناس المفاضلة فيه نقول أن العرف لا يغير حكم النص بمعنى أن الكراهة الثابتة بالنص باقية وهذا مسلم ولكن ليس الكلام فيه وإنما الكلام في دلالة اللفظ العرفي وهو الفريضة الشرعية في مسئلتنا فإن المتعارف فيها عدم التسوية فإذا اطلق الواقف لفظ الفريضة الشرعية بناء على عرفه وقلنا أنه أراد به المفاضلة وعدم التسوية من اين يلزمه ابطال النص وإنما يلزم ذلك أن لو قلنا أن معناه أن عدم التسوية لا كراهة فيها ترجيحا للعرف على النص ولم نقل ذلك أصلا وإنما قلنا هذا اللفظ معناه في العرف عدم التسوية أعم من أن يكون عدم التسوية مكروها أو مستحبا (لا يقال) تسميتها فريضة شرعية يقتضى مشروعيتها وذلك ينافي كون معناها عدم التسوية المكروه شرعا إذا فرضنا ثبوت كراهته بالنص (لانا نقول) لا منافاة لأن الفريضة الشرعية صار علما لهذا المعنى عرفا والأعلام لا يعتبر فيها معانى الالفاظ الوضعية كما لو سميت شخصا عبد الدار وانف الناقة ونحو ذلك على أن المفاضلة فريضة شرعية في باب الميراث فإذا جرى العرف على إطلاقها في باب الوقف لم تخرج عن التسمية الاصلية،

<<  <  ج: ص:  >  >>