في زماننا نظير مسئلة ما إذا تساوت النقود في الزواج والمالية فيتخير المشترى في دفع ما شاء من النقود الرائجة وإن امتنع البائع لانه يكون متعنتا كما مر. ثم اعلم أنه تعدد في زماننا ورود الامر السلطاني بتغيير سعر بعض من النقود الرائجة بالنقص واختلف الافتاء فيه والذي استقر عليه الحال الآن دفع النوع الذى وقع عليه العقد لو كان معينا كما إذا اشترى سلعة بمائة ريال افرنجى أو ماية ذهب عتيق * أو دفع أي نوع كان بالقيمة التي كانت وقت العقد إذا لم يعين المتبائعان نوعا والخيار فيه للدافع كما كان الخيار له وقت العقد ولكن الأول ظاهر سواء كان بيعا أو قرضا بناء على ما قدمناه واما الثاني فقد حصل بسببه ضرر ظاهر للبائعين فإن ما ورد الامر برخصه متفاوت فبعض الانواع جعله ارخص من بعض فيختار المشترى ما هو أكثر رخصا واضر للبائع فيدفعه له بل تارة يدفع له ما هو اقل رخصا على حساب ما هو أكثر رخصا فقد ينقص نوع من النقود قرشا ونوع آخر قرشين فلا يدفع إلا ما نقص قرشين وإذا دفع ما نقص قرشا للبائع يحسب عليه قرشا آخر نظرا إلى نقص النوع الآخر وهذا مما لاشك في عدم جوازه. وقد كنت تكلمت مع شيخي الذي هو أعلم أهل زمانه وافقههم واورعهم فجزم بعدم تخيير المشترى في مثل هذا لما علمت من الضرر وانه يفتي بالصلح حيث كان المتعاقدان مطلقى التصرف يصح اصطلاحهما بحيث لا يكون الضرر على شخص واحد فإنه وإن كان الخيار للمشترى في دفع ما شاء وقت العقد وإن امتنع البائع لكنه إنما ساغ ذلك لعدم تفاوت الانواع فإذا امتنع البائع عما اراده المشترى يظهر تعنته اما في هذه الصورة فلا لانه ظهر أنه يمتنع عن قصد اضراره ولاسيما إذا كان المال مال ايتام أو وقف فعدم النظر له بالكلية مخالف لما أمر به من اختيار الانفع له فالصلح حينئذ احوط خصوصا والمسئلة غير منصوص عليها بخصوصها فإن المنصوص عليه إنما هو الفلوس والدراهم الغالبة الغش كما علمنه مما قدمناه فينبغي أن ينظر في تلك النقود التي رخصت ويدفع من اوسطها نقصا لا الاقل ولا الأكثر كيلا يتناهى الضرر على البائع أو على المشترى. وقد بلغنى أن بعض المفتين في زماننا افتى بان تعطى بالسعر الدارج وقت الدفع ولم ينظر إلى ما كان وقت العقد أصلا ولا يخفى أن فيه تخصيص الضرر بالمشترى لا يقال ما ذكرته من أن الأولى الصلح في مثل هذه الحالة مخالف لما قدمته عن حاشية أبي السعود من لزوم ما كان وقت العقد بدون تخيير بالإجماع إذا كانت فضة خالصة أو غالبة لانا نقول ذاك فيما إذا وقع العقد على نوع مخصوص كالريال مثلا وهذا ظاهر كما قدمناه ولا كلام لنا فيه. وإنما الشبهة فيما تعارفه الناس من الشراء بالقروش