للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يلعنون شيأ ولا يؤذونه ولا يحقرونه ولا يتطاولون عليه ولا يحسدون احدا ولا يحرصون على الدنيا هم اطيب الناس خيرا وألينهم عريكة واسخاهم نفسا علامتهم السخاء وسجيتهم البشاشة وصفتهم السلامة ليسوا اليوم في خشية وغدا في غفلة ولكن مداومون على حالهم الظاهر وهم فيما بينهم وبين ربهم لا تدركهم الرياح العواصف ولا الخيلى المجراة قلوبهم تصمد ارتياحا إلى الله تعالى واشتياقا إليه وقدما في استباق الخيرات ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ قال الراوى قلت يا أبا الدرداء ما سمعت بصفة اشد على من هذه الصفة فكيف لى أن ابلغها فقال ما بينك وبين أن تكون في اوسعها إلا أن تبغض الدنيا فانك إذا ابغضت الدنيا اقبلت على حب الآخرة وبقدر حبك للآخرة تزهد في الدنيا وبقدر ذلك تبصر ما ينفعك فإذا علم الله تعالى من عبد حسن الطلب افرغ عليه السداد واكتنفه بالعصمة واعلم يا ابن اخى أن ذلك في كتاب الله تعالى المنزل ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ قال يحيى بن كثير فنظرنا في ذلك فما تلذذ المتلذذون بمثل حب الله تعالى وابتغاء مرضاته انتهى (فائدة) قال العارف ابن عربي في كتابه حلية الابدال اخبرنى صاحب لى قال بينا انا ليلة في مصلاى قد أكملت وردى وجعلت رأسى بين ركبتى اذكر الله تعالى إذا حسست بشخص قد نفض مصلاي من تحتى وبسط عوضا منه حصير أو قال صل عليه وباب بيتي على مغلق قد اخلنى منه فزع فقال لى من يانس بالله تعالى لم يجزع ثم اننى الهمت الصوت فقلت ياسيدى بماذا تصير الابدال ابدالا فقال بالاربعة التي ذكرها أبو طالب في القوت الصمت والعزلة والجوع والسهر ثم انصرف ولا اعرف كيف دخل ولا كيف خرج وبابى مغلق انتهى قال العارف ابن عربي هذا رجل من الابدال اسمه معاذ بن اشرس والأربعة المذكورة هي عماد هذا الطريق الاسنى وقوائمه ومن لا قدم له فيها ولا رسوخ فهو تايه عن طريق الله تعالى وفي ذلك.

قلت

يا من أراد منازل الابدال … من غير قصد منه للاعمال

لا تطمعن بها فلست من اهلها … إن لم تزاحمهم على الأحوال

واصمت بقلبك واعتزل عن كل من … يدنيك من غير الجيب الوالى

وإذا سهرت وجعت نلت مقامهم … وصحبتهم في الحل والترحال

بيت الولاية قسمت ساداتنا اركأنه … سادتنا فيه من الابدال

ما بين صمت واعتزال دائم … والجوع والسهر النزيه العالي

<<  <  ج: ص:  >  >>