عليه وسلم انه قال في حق عمر رضى الله تعالى عنه انه من المحدثين الملهمين، وفى رسالة القشيرى وعوارف السهر وردى وغيرهما من كتب القوم وغيرهم ما لا يحصى من القضايا التي فيها أخبار الأولياء بالغيبات ثم ذكر جملة من ذلك، إلى ان قال ولا ينافي الآيتان المذكورتان في السؤال لان علم الانبياء والأولياء انما هو باعلام من الله تعالى لهم وعلينا بذلك انما هو باعلامهم لنا وهذا غير علم الله تعالى الذي تفرد به وهو صفة من صفاته القديمة الازلية الدائمة الابدية المنزهة عن التغيير وسمات الحدوث والنقص المشاركة والانقسام بل هو علم واحد علم به جميع المعلومات كلياتها وجزئياتها ما كان منها وما يكون ليس بضرورى ولا كسبى ولا حادث بخلاف علم سائر الخلق. إذا تقرر ذلك فعلم الله تعالى المذكور هو الذي تمدح به واخبر في الآيتين المذكورتين بأنه لا يشاركه فيه أحد فلا يعلم الغيب إلا هو وما سواه ان علموا جزئيات منه فهو باعلامه واطلاعه لهم وح لا يطلق أنهم يعلمون الغيب إذ لا صفة لهم يقتدرون بها على الاستقلال بعلمه وايضاهم ما علموا وإنما علموا وايضا ما علموا غيبا مطلقا لان من اعلم بشيء منه يشاركه فيه الملائكة ونظراؤه ممن اطلع ثم اعلام الله تعالى الانبياء والأولياء ببعض الغيوب ممن لا يستلزم محالا بوجه فانكار وقوعه عناد ومن البداهة انه لا يؤدى إلى مشاركتهم له تعالى فيما تفرد به من العلم الذي تمدح به واتصف به في الأزل وما لا يزال وما ذكرناه في الآية صرح به النووى رحمه الله تعالى في فتاواه فقال معناها لا يعلم ذلك استقلالا وعلم احاطة بكل المعلومات إلا الله واما المعجزات والكرامات فبأعلام الله تعالى لهم علمت وكذا ما علم باجراء العادة انتهى (قلت) ومثل هذا ما ذكره العلامة المفتى أبو السعود افندي في تفسير قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا حيث قال والفاء لترتيب عدم الاظهار على تفرده تعالى بعلم الغيب على الاطلاق أي فلا يطلع على غيبه اطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال انكشافا تاما موجبا لعين اليقين احدا من خلقه إلا من ارتضى من رسول أي إلا رسولا ارتضاه لاظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقهما اما لكونه من مبادى رسالته بان يكون معجزة دالة على صحتها واما لكونه من اركانها واحكامها كعامة التكاليف الشرعية التي امر بها المكلفون وكيفيات اعمالهم واجزئتها المترتبة عليها في الآخرة وما تتوقف هي عليه من أحوال الآخرة التي بيانها من وظائف الرسالة واما ما لا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب التي من جملتها وقت قيام الساعة فلا يظهر عليه احدا ابدا على ان بيان وقته محل بالحكمة التشريعية التي يدور عليها