للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلك الرسالة وليس فيه ما يدل على نفى كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف فإن اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبة من تلك المراتب لغيرهم اصلا ولا يدعى أحد من الأولياء ما في رتبة الرسل من الكشف الكامل الحاصل بالوحي الصريح انتهى (وحاصله) ان الله متفرد بعلم الغيب المطلق المتعلق بجميع المعلومات وانه انما يطلع رسله على بعض غيوبه المتعلقة بالرسالة اطلاعا جليا واضحا لا شك فيه بالوحى الصريح ولا ينافى ذلك ان يطلع بعض اوليائه على بعض ذلك اطلاعا دونه في الرتبة فمن ادعى علم بعض الحوادث الغائبة بوحى من اهله أو يكشف من ذوى الكرامات فهو صادق ودعواه جائزة لان اختص به تعالى هو الغيب المطلق على ان ما يدعيه العبد ليس غيبا حقيقة لأنه انما يكون باعلام من الله تعالى كما مر (و) كذا لو ادعاء أحد من آحاد الناس مستندا في ذلك إلى امارة نصبها تعالى على ذلك فقد قال الامام المرغيناني صاحب الهداية في كتابه مختارات النوازل واما علم النجوم فهو في نفسه حسن غير مذموم اذ هو قسمان * حسابي وانه حق وقد نطق به الكتاب قال تعالى (والشمس والقمر بحسبان) أي سيرهما بحساب * واستدلالي بسير النجوم وحركة الافلاك على الحوادث بقضاء الله تعالى وقدره وهو جائز كاستدلال الطبيب بالنبض على الصحة والمرض ولو لم يعتقد بقضاء الله تعالى أو ادعى علم الغيب لنفسه يكفر * ثم تعلم علم النجوم مقدار ما يعرف به مواقيت الصلاة والقبلة لا بأس به انتهى (و) مفهومه ان تعلم الزائد على ذلك مما يستدل به على الحوادث فيه بأس لانه مكروه لما فيه من ايقاع العامة في الشك لعدم علمهم بأنه انما علم ذلك بسبب عادة نصبه الله تعالى لذلك أو لما فيه من خوف الوقوع في اعتقاد تأثير النجوم في تلك الحوادث أو لما فيه من اظهار ما احب الله خفاءه فإنه لواحب اظهاره لنصب عليه علامة ظاهرة كما في الأمور التي جعل الله تعالى لها اسبابا ظاهرة يعلمها عامة الناس فلم يخف الله تعالى ما اخفاه منها الا لحكم باهرة فالتوصل إلى اظهاره والاطلاع عليه اخلال بتلك الحكم والله تعالى اعلم (وذكر) في الفتاوى الحديثية عن ابن الحاج المالكي فيمن قال النجوم تدل على كذا لكن بفعل الله تعالى يجرى الأمر في خلقه انه بدعة من القول منهى عنها فيؤدب ولا يكفر الا أن جعل للنجم تأثيرا فيقتل قال وظاهر كلام المارزى الجواز إلا إذا نسب ذلك لعادة اجراها الله تعالى* وقال ابن رشد (بفتح الراء والشين) ليس قول الرجل الشمس تكسف غدا بعلم الحساب كقول فلان يقدم غدا في جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>