أنه تشدّدَ في صحيحه، فاشترط العلم باللقاء (أو السماع) ، مع كونه خارجَ الصحيح لا يشترط ذلك الشرط. أو كما عَبّر بعض أهلُ العلم عن ذلك بقوله: إن هذا الشرط شرط كمال، لا شرط صحّة (١) .
ونخلص من هذا: أن شرط البخاري في الحديث المعنعن، بعد السلامة من وصمة التدليس، اختُلفَ فيه إلى أربعة أقوال:
الأول: أن البخاري يشترط أن يقف على ما يدل على السماع نصًّا.
الثاني: أن البخاري يشترط أن يقف على ما يدل على اللقاء.
الثالث: أن البخاري يشترط أن يقف على ما يدل على اللقاء، وأنه يكتفي بالمعاصرة أحيانًا إذا وُجدت قرائن قويّة تدل على اللقاء والسماع.
الرابع: أن البخاري يشترط أن يقف على ما يدل على اللقاء أو السماع في كتابه الصحيح، ولا يشترط ذلك للقول بالاتصال خارج كتابه.
ملاحظة: لم يتنبّه ابنُ رُشيد والعلائي والدريس إلى أنهم بمَيْلِهم إلى الاكتفاء بالقرائن القويّة قد نسفوا ما ذهبوا إليه من تقويةِ اشتراط اللقاء أو السماع، إذ مِنْ أين لهم أن مسلمًا لم يكن مراعيًا لمثل تلك القرائن؟! حتى يجعلونه مخالفًا للبخاري!!!
(١) انظر: اختصار علوم الحديث لابن كثير (١/ ١٦٩) ، ومحاسن الاصطلاح للبلقيني (٢٢٤) ، والموقظة للذهبي -تتمات أبي غُدّة في آخرها - (١٣٧- ١٣٨) ، والنصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبد المنان لكتب الأئمة الرجيحة للألباني (١٩- ٢٦) .