ومن كان ابن خمس عشرة سنة في سنةِ خمسين، فإن مولده سيكون في أقل الأحوال سنة (٣٥هـ) .
ومَن وُلد سنة (٣٥هـ) لا يُنكر أن يكون سمع من عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما، اللذين توفِّيا سنة (٥٧هـ) . . كما قال الإمام البخاري.
فانظر: إلى هذا الأسلوب البديع والطريقة الذكيّة لإثبات المعاصرة، كل ذلك من أجل الحكم بالاتّصال والسماع!
فهل مَنْ كان لا يقبل إلا النصَّ الدالّ على السماع، سيقوم بمثل هذا التنبيش الدقيق، وبمثل هذا الاستنباط الخفي، لإثبات المعاصرة فقط؟! فما فائدة كل ذلك الجُهد والتفكير العميق إذن؟!
لقد صَرّح البخاري بالفائدة عندما قال:((ولا ننكر أن يكون سمع منهما: لأن بين موت عائشة والأحنف قريبٌ من اثنتي عشرة سنة)) .
وسيأتي في الدليل الرابع عشر والخامس عشر ما يعزّزُ أن البخاري (وجميع الأئمة) لا بُدّ أن يكونوا مكتفين بالمعاصرة على مذهب الإمام مسلم، وهو المذهب الذي نقل مسلمٌ عليه الإجماع!!
فانظر ذينك الدليلين.
الدليل الثالث عشر: اكتفاءُ جمعٍ من الأئمة بالمعاصرة:
وأنا إذْ أحتجّ بهذا الدليل، لا أحتجّ به ابتداءً على نفي نسبة ذلك الشرط إلى البخاري، ولكني أحتج به للتأكيد على أن الاكتفاء بالمعاصرة