فالنتيجة: أن اشتراط انتفاء التدليس في الحديث المعنعن بين المتعاصرين اشتراطٌ كافٍ للحكم بالاتّصال، واستبعادِ احتمالِ الانقطاع فيه، لأنه تضمّن احترازًا من قبول عنعنة من يستحق أن تُرَدَّ عنعنته، دون من لا يستحقّ ذلك من عامّة الرواة، الذين لم يثبت عنهم التدليس مطلقًا، أو ثبت لكنه قليلٌ في جنب ما رَوَوْهُ.
وبذلك جميعه، وبعد بيان الأصلين اللذين بنى مسلمٌ ردَّه عليهما: تَتّضح حقيقةً قوّةُ مذهب مسلم (بل مذهب جميع أئمة الحديث، بمن فيهم البخاري) ، ويظهر وَهَاءُ وهَلْهَلَةُ مذهب خصمِه، وبُطلانُ قوله، وسقوطِ حُجّته، ممّا يُنَزَّه معه البخاري وعلي بن المديني من أن يقعا فيه، وأن يُنسب إليهما مثلُ هذا المذهب المتهافت بحُجّته الواهية، وهُمَا مَنْ هُمَا في قِمّة علم الحديث. . بل على يديهما بلغ هذا العلم غايةَ مبلغه، ومنهما تفجّرت فنونُه أنهارًا وبحارًا.
وعفا الله عن مسلم، لقد تردّد في الردّ على ذلك الجاهل الخامل الذكر، خوفًا من أن يُشهر قوله أو أن يُرفع ذكره، وكان قد رأى أن عدم الرد عليه أخمل لذكره وأحرى بإماتة القول وقائله. وليته فعل، فإنه لمّا ردَّ على ذلك الجاهل الخامل الذكر، نُسب ذلك القول المردودُ عليه إلى البخاري وعلي بن المديني!! ثم المحققين!! ثم إلى الجماهير. .!!
لكن عُذْر مسلم أنه أبانَ الحقّ، وردّ على الباطل. . فأبلغ في العذر بذلك. وليته لمَّا ردَّ على ذلك الجاهل سمّاه وعيّنه، ليدفع عن أعراض العلماء المحققين والجماهير!!!