للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالذي يزعمه ذلك الزاعم: أن العلماء قد قاموا بذلك، ووجدوا أن البخاريَّ لم يُخرج قطُّ لراويين إلا وقد ثبت عند ذلك العالم الذي قام بالاستقراء أنه قد صرّح الراوي بالسماع في بعض حديثه عمّن روى عنه، وأن ذلك لم يتخلّف -باستقرائه- في أحدٍ من الرواة.

فهذا الاستقراء. . هل قام به أحدٌ فعلاً؟!!!

ولو قام به أحدٌ، وأمكنه القيام به، هل سيسكت عن الإفصاح والافتخار بأنه قد قام بهذا الاستقراء المعجِز (أي المستحيل) ؟!!!

أمّا الاستقراء الذي يُطالبني به صاحبُ هذه الشبهة، فهو نفس الاستقراء السابق. لكن يجب أن آتي له بعددٍ كبيرٍ من الرواة (١) لم أقف على تصريحٍ بسماع أحدهم من الآخر في شيءٍ من كتب السنّة!!

فوالله لو فعلتُ ذلك، فقمتُ بهذا الاستقراء، وأفنيتُ فيه عمرًا مديدًا، لجاء صاحبُ هذه الشبهة، وقال -بكل سهولة-: لعلّه قد فاتك ما يدل على سماع أولئك الرواة بعضهم من بعض، واطلاعُ البخاري أعظم من اطلاعك، ومن علم حُجّةٌ على من لم يعلم!!!

لكني أعود فأختم الردّ على هذه الشبهة بأن أقول: مَنْ قال إنّ الحجّة في الاستقراء وحده، ولا حجّة في غير الاستقراء؟! حتى تُلزمني به!!

أين ذهب الإجماع الذي توارد على نقله جمعٌ من أهل العلم؟!


(١) ولا يكفي القليل، لأنه لم يكفه القليل الذي ذكرتُه في هذا البحث. فإن سألتَهُ: لمَ لا يكفي المثالُ الواحد على نَقْض تلك الدعوى؟ قال: ((واحدٌ لا يكفي)) ، وكأنّه قد أجاب!! ولو أعدتَ عليه السؤال أعاد الإجابةَ نَفْسَها!!! لأنه عند نفسه قد أجاب!!!

<<  <   >  >>