للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب الثاني: أنه ليس كل قول لا سلف له مردودًا، ولا كل رأي يجب أن يكون المرْءُ مسبوقًا إليه، إذ هذا هو القول الذي لا سلف له حقًّا!!

فالأقوال والآراء التي يصحّ أن تُردّ لمجرّد أنها مستحدثة، ويجب إنكارُها إذا لم يكن أصحابها مسبوقين إليها من سلف الأمّة= هي الأقوال المخالفة لثوابت الشرع من الاعتقادات والأحكام الشرعيّة، التي يلزم من مخالفة سلف الأمّة فيها تضليلُهم واعتقادُ أن الأمّة كلّها كانت جاهلةً بدين الله تعالى.

أمّا ما سوى ذلك:

- من فَهْمٍ يُؤتَاهُ رجلٌ في كتاب الله تعالى، تحتمله الآية، ولا يقتضي إبطال فَهْمِ سلف الأمّة.

- ومن استنباطٍ لفوائد من النصوص الشرعيّة لم يُسبق إليها صاحبُها.

- ومن استلالٍ جديد يصل إليه مُتَدبِّر.

- ومن تأصيلٍ وتنظير في علوم الآلات قائمٍ على منهجٍ قويمٍ من الاستقراء والدراسة.

= فهذا ونحوه هو مضمار التسابق الكبير بين قرائح الأفهام، وبه تميّزَ العلماءُ عن سائر الأنام، بل تميّز الأنام عن الأنعام!!!

وإلا فماذا يرجو ذووا الهِمَم العليّة والعقول الذكيّة والنفوس الزكيّة من تعلُّمِ العلوم، إذا كان دأبَهم اجترارُ ما قيل فقط؟!!

إن الردّ على كل قول لا سلف له بأنه لا سلف له، فوق أنه هو نفسه لا سلف له أيضًا= فهو طاعونُ العقول، وأغلال الأفكار، وصليبُ الابتكار. إذْ كان مِنَ الممكنِ أن يُوَاجَهَ عباقرةُ الأمّة وأئمّة الإسلام وصُنّاعُ

<<  <   >  >>