بأحدِ أئمة العصر الذهبي للسنة؟!! = لكني أقول أخيرًا: هل يتصّورُ أحدٌ أن ناقدًا من النّقاد (دون مسلمٍ في العلم، فضلاً عن مسلم) كان يكتفي بالمعاصرة مطلقًا، دون نظرٍ منه إلى القرائن أبدًا؟!! وهل يتصوّرُ أحدٌ أنه لو روى راوٍ خراساني عن آخر أندلسيٍّ، أو روى يمانيٌّ عن قوقازي حديثًا واحدًا معنعنًا، مع روايته عنه أحاديث أخرى بواسطةِ راوٍ أو راويين فأكثر، وكان الحديث الأول (الذي يرويه معنعنًا بغير واسطة) فيه نكارةٌ لا يحتملها أحدُ من رواته= أن مسلمًا سيحكم باتّصال مثل هذا الحديث؟!!!
فإن قيل: بَالَغْتَ في ذكر القرائن، فلا يقول أحدٌ باتّصال مثل هذا الحديث.
فأقول: هذا هو معنى قولكم إن مسلمًا لا ينظر إلى شيءٍ سوى المعاصرة وانتفاء التدليس، فالمبالغة منكم لا مني!
وعليه فلا بُدَّ أن تُقِرَّ بأن لمسلمٍ نظرًا ما إلى القرائن، بل قد أقررتَ!
يبقى أن يزعم زاعمٌ بغير دليل، وغير ناظرٍ إلى الأدلّة المخالفةِ لقوله: إن نَظَرَ مسلمٍ إلى القرائن ضعيفٌ، لا كنظر غيره من الأئمة.
وكفى بحكاية مثل هذا الزعم بيانًا لبطلانه.
فإن ادُّعى دليلٌ لذلك: بأن مسلمًا أخرج أسانيد في صحيحه حُكم فيها بعدم لقاء رواتها لبعضهم، فإنه يلزم على هذا الاستدلال أن يكون البخاريُّ مثلَ مسلم، لأنه أخرج أيضًا أسانيد حُكم فيها بعدم لقاء رواتها لبعضهم (١) !!
(١) انظر أمثلةً لذلك في تحفة التحصيل للعراقي (رقم ٢٧٥، ٤٢٦، ٤٥٧، ٦٨٨، ٣٥٨، ٧٧٣، ٧٩٠، ٩٥٦ مع الحاشية، ٩٨٣ مرتين، ١٠٠٢، ١٠٩٥، ١١٨٦) .