للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحديث المعنعن، مع احتمال الانقطاع والتدليس. فأجاب أبو المظفَّر السمعاني بقوله في (قواطع الأدلّة) : ((أمّا قولهم: إنه تُقبل الرواية بالعنعنة. قلنا: نحن لا نقبل، إلا أن نعلم أو يغلب على الظن أنه غير مرسل، وهو أن يقول: (حدثنا فلان) أو (سمعت فلاناً) ، أو يقول (عن فلان) ويكون قد أطال صحبته، لأن ذلك أمارة تدلّ على أنه سمعه منه. فأمّا بغير هذا، فلا يُقبل حديثُه)) (١) .

فاحتجَّ بهذه العبارة جَمْعٌ من أهل العلم على أن أبا المظفر السمعاني يشترط في الحديث المعنعن شرطًا هو فوق الشرط المنسوب إلى البخاري، ألا وهو اشتراط طول الصُّحْبة، وعدم الاكتفاء بمجرّد اللقاء، فضلاً عن المعاصرة‍!

إلا أن لأبي المظفّر السمعاني كلامًا أَحْكَمَ من كلامه السابق، واحد أهمّ وجوه إحكامه أنه ذكره في سياق كلامه عن حكم الحديث المعنعن وحكم التدليس، فهو واردٌ في موطنه اللائق به، والذي هو أَوْلَى المواطن بأن يُوفَّى فيه حقّه من البيان.

يقول أبو المظفّر السمعاني: ((فأمّا من لم يشتهر بالتدليس ولم يُعرف به، قُبِل منه إذا قال (عن فلان) ، وحُمل في ذلك على السماع، لأن الناس قد يفعلون ذلك طلبًا للخِفّة، إذ هو أسهل عليهم من أن يقولوا في كل حديث: (حدثنا) . والعُرْفُ الجاري في ذلك يُقَامُ مقامَ التصريح)) (٢) . ثم نقل السمعاني كلام الحاكم في قبول الحديث المعنعن


(١) قواطع الأدلة للسمعاني (٢/ ٤٥٦- ٤٥٧) .
(٢) قواطع الأدلة (٢/ ٣١١- ٣١٢) .

<<  <   >  >>