للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجماعة من أصحابنا: أن الزهري لم يسمع من أبان بن عثمان شيئًا. وكيف سمع من أبان، وهو يقول: بلغني عن أبان؟! قيل له: فإن محمد ابن يحيى النيسابوري كان يقول: قد سمع، قال: محمد بن يحيى بابه السلامة. . . الزهري لم يسمع من أبان بن عثمان شيئًا، لا لأنه لم يدركه، قد أدركه، وأدرك من هو أكبر منه، ولكن لا يثبت له السماع منه، كما لا يثبت لحبيب بن أبي ثابت سماع من عروة بن الزبير، وهو قد سمع ممن هو أكبر منه. غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل الحديث على شيء يكون حُجّة)) (١) .

وهناك قرائن أخرى، أتركها لغير هذا المجال.

ومن هذه القرائن وأمثلتها لا يعود هناك أدنى شك ولا أخفى ريبة في أن نفي العلم بالسماع إنما يَعني ترجيحَ عدم حصول السماع، بسبب وجود قرائن تشهد لعدم حصوله. وأنه لا علاقةَ (ولا من وَجْهٍ) بين نفي العلم بالسماع واشتراط العلم به، إلا إن كان هناك علاقةٌ بين نفي السماع جَزْمًا بعدم حصوله وبين اشتراط العلم بالسماع!!!

بل إنك ستعلم بُعْدَ استدلالِ من استدل بالإعلال بنفي العلم بالسماع على أنه يدل على اشتراط العلم به فوقَ ما سبق، ببيان أن لنفي العلم بالسماع معانيَ أخرى، بعيدةً كل البعد عن الدلالة على اشتراط العلم بالسماع. فإن كان سبق منها معنى: نفي السماع، أو ترجيح عدم حصول السماع، لوجود قرائن تشهد لعدمه، الذي هو أغلب معنىً يُراد


(١) المراسيل لابن أبي حاتم (رقم ٧٠١- ٧٠٣) .

<<  <   >  >>