للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن تجرّا أحدٌ على ذلك، فإني -والله- لأجْبَنُ الناس عنه!!!

فإن كنت لا أجرؤ على ذلك، وأربأ بأخي القارىء إلا أن لا يَجْرُؤَ أيضًا، فما هو معنى قول البخاري ((لم يذكر سليمان سماعًا من أبيه)) ؟

المعنى: هو ظاهر العبادة، وهو الخبر المجرّد عن أنه لم يذكر سماعًا من أبيه، وليس في ذلك إعلالٌ بذلك ولا حكمٌ بعدم الاتّصال ولا بالتوقّف فيه.

فإن بقي هناك من يجرؤ على القول بأن البخاري أعلّ أحاديث سليمان عن أبيه لعدم علمه بالسماع، فعليه أن يعلم قبل ذلك أن البخاري حَسَّن حديثًا لسليمان عن أبيه!!!

فقد قال الترمذي في (العلل) : ((قال محمد (يعني البخاري) : أصحّ الأحاديث عندي في المواقيت: حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى. قال: وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بُريدة عن أبيه في المواقيت، وهو حديث حسن. ولم يعرفه إلا من حديث الثوري)) (١) .

وحديث سليمان بن بريدة هذا الذي هو من أصح أحاديث المواقيت عند البخاري: أخرجه مسلم (رقم ٦١٣) ، وابن خزيمة في صحيحه (ناصًّا على صحته بصريح مقاله فيه) (رقم ٣٢٣، ٣٢٤) ، وابن الجارود في المنتقى (رقم ١٥١) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ١٤٩٢) .

فهل تجد حُجةً أنصع من هذه: على أن نفي البخاري لعلمه بسماع سليمان من أبيه ما هو إلا خبر مجرّد عن ذلك، من غير قَصْدِ إعلالٍ أو توقُفٍ عن الحكم بالاتصال؟!


(١) العلل الكبير للترمذي (١/ ٢٠٢- ٢٠٣) .

<<  <   >  >>