للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أخبرني) و (عن) ؟ فقال: أدركت العلماء وهم لا يفرّقون بينهما.

وحمله البيهقي على من لا يُعرف بالتدليس.

(قال ابن رجب:) ((ويمكن حَمْلُه على من ثبت لُقيّهُ أيضًا)) (١) .

أمّا حَمْلُ البيهقي فصحيح، لأنّ عدم التفريق بين صيغ السماع والعنعنة إنما هو في حَقّ غير المدلس، وهذا موطن إجماع.

لكن حَمْلُ ابن رجب فيه نظر قوي، بل هو حَمْلٌ متعسَّفٌ لا دليل عليه، بل هو حَمْلٌ يجعل الكلام لا معنى له.

أولاً: حمل البيهقي موطن إجماع، أما حمل ابن رجب فهو محل النزاع، وهو مصادرة على المطلوب، ولا دليل عليه، فهو مردود.

ثانيًا: أن أبا الوليد الطيالسي نفى الفرق بين (عن) و (أخبرني) ، ومع القيد الذي ذكره البيهقي (وهو السلامة من التدليس) يتضح عدمُ وجود الفرق بين الصيغتين، لأن (عن) ستكون دالةً على السماع مثل (أخبرني) في عموم الرواة وعُظْم الروايات، لا يُستثنى بذلك القيد إلا عددٌ محصورٌ من الرواة القلة الذين أكثروا من التدليس وغلب عليهم.

أمّا القيد الذي ذكره ابن رجب فهو قيدٌ لا يصح معه نفي الفرق بين (عن) و (أخبرني) ، لأنه قيدٌ أثبت فرقًا واضحًا بين الصيغتين!! ففي حين تدل (أخبرني) على السماع مطلقًا، فـ (عن) لا تدل السماع في كل راوٍ، بل وعن كل شيخ من شيوخ ذلك الراوي، إلا إذا جاء ما يدل على حصول اللقاء بينهما، هذا مع اشتراط السلامة من التدليس أيضًا.


(١) شرح علل الترمذي (٢/ ٥٨٨) .

<<  <   >  >>