قال هذا ومرة معرض لكل بلاء، قم وقف عند النحو فوضح موضع ((أن يفعل)) من الإعراب قال: موضعه علي البدل من قولة: ((وتلك منة)) ثم أنتهي إلي المعني وهو ((تلك الخصلة لا يؤمن وقوعها من عمرو وهو فعلة لما يقوله)).
أما المصنف فقد كان عملة في البيتين علي النحو التالي: قال: ((غارزا رأسه)) راكبا رأسه، في سنة أي في غفلة، وتلك منه غير مأمونة، يستهزئ به أي لا يقدر علي ذلك، لأنة أضعف من أن يفي بما يتوعد به، المعني: يصف بلوغه وعيد عمرو وأخواله، وهذا الشعار من جملة أخواله، أي خبرت أن عمرا توعدنا، ثم دل علي قلة اكتراثه به، وأنه إذا قال شيئا لم يف به)).
وواضح أن المصنف كان همة في البيتين مقصورا علي المعني، يشرح المفردات التي يري ضرورة توضيحها، ثم يعمد إلي مجمل فيورده، فهو لا يشغل نفسه بالنحو، ولا البلاغة، وهو حين يتعرض للغة فإنما يتعرض لها من حيث المعني المراد من اللفظ في البيت غير ملتفت إلي توضيح استخدام اللفظ في الحقيقة والمجاز كما فعل المرزوقي، ولا متم شرحه بشواهد تدعم ما صورة من معان للغة.
كذلك يمكن أن تلحظ هذه الفروق في العناصر في بيتي عمرو بن كلثوم الواردين في الحماسية (١٦٠) في الشرحين معا، وهما:
فما أبقت الأيام ملمال عندنا سوي جذم أذواد محذفة النسل
ثلاثة أثلاث فأثمان خلينا وأقواتنا وما نسوق إلي العقل
نجد المرزوقي يقف عن كلمة ((الأيام)) فيفسرها بالوقعات، ثم ينتقل إلي ((ملمال)) فيقول: أراد من المال فجعل الحذف بدلا من الإدغام لما ألتقي بالنون واللام حرفان متقابلان، الأول متحرك والثاني ساكن لازما، ثم صور معني البيت الأول فقال: ((ما بقي تأثير الحوادث ونكبات الأيام عندنا من أصول المال ومقتنياتها إلا بقايا أذواد قطع الضر نسلها، وتمكن الهزال وسؤ الحال منها، فهي علي شرف فناء