قال المرزوقي في شرحه:((هذا علي كلامين، وألا افتتاح، والتحية قال بعضهم هي الوداع ها هنا، يقول: ألا أبلغت وداعنا يا ردينه، ثم قال: نحييها أي نودعها وإن عزت علينا مفارقتها، ويجوز أن يكون دعا لردينه فقال: جزاك الله عنا أي تولي الله ذلك من دوننا، ثم راجع نفسه فقال: نفعل علي فخامة موقعها منا، وجلالة محلها في قلوبنا، إذ كنا لا نقدر لها علي غير ذلك، وقولة: ((نحييها وإن كرمت)) يسمي التفاتا، كأنة التفت إلي من معه فقال ذلك)).
أما المصنف فقد جاء في شرحه قولة:((يعني نفارقها وإن كرمت علينا، قال أبو رياش: إن رجلا إذا عرف بمحبة امرأة لم يزوجوها له، وإذا سلم عليها عرف إنه يحبها ويهواها فقال: نسلم عليها وإن كان في السلام بأس منها، وهذا من إفراط شوقه وغلة هواة، وقبج غيرة: كان هذا الشعار غائبا عن ردينه فحن إليها، وأشتاق إلي قربها فقال: ألا خصصت عنايا ردينه بتحية منا، ثم قال معتذرا عن التسليم عليها في حال الغيبوبة نحييها وإن كرمت علينا أي وإن جلت عندنا من أن يتولى تحيتها غيرنا، غيرة منا عليها)).
فواضح أن كلا من الشيخين ينقل قول من سبقه في معني البيت دون تعليق أو مناقشة، وهذا يدل علي أنهما ارتضيا ما نقلا، غير أن الاختلاف واضح بين ما نقلة المرزوقي وما نقلة المصنف، وطبيعي أن يقع ذلك لأن مصادرهما في الشرح مختلفة، وذلك علي النحو الذي سنوضحه في موضع آت.
وإذا كنا قد لاحظنا فروقا في المنهج وعناصر في المنهج وعناصر الشرح وتفسير الشعر فإن هناك فرقا في الأسلوب، فالمرزوقي- كما نعلم- كان أديبا كاتبا، ولذا أصطبغ أسلوبه في الشرح بصبغة أدبية عالية، قال عنة ياقوت: ((كان يتفاصح في تصانيفه كابن جني، وقال عبد السلام هارون: ((والمرزوقي ذو عبارة رصينة متخيرة، يتكلف لها الصنعة