(٢) أن يذكر للخلق ما نزل به على راحة النفس أو على استرحام الخلق له ليرقوا عليه، وليَخْلِفُوا عليه أن ذهب منه شيء، أو يُعِينُوه على أمر دنياه، ولا يذكر على التبرم والتضجر به.
ومنه ضرب آخر يزيد على ذلك:
(٣) أن يقطعه عن كثير من أعمال البر مما ليس بواجب عليه.
فهذه الأقسام من الجزع لا يحرمه الأجرَ، ولا إثم عليه فيه.
الضرب الثاني من الجزع الدي يُخرجه من الصبر؛ وهو على ضربين:
أحدهما: أن يحصل معه شكايةٌ واستعانةٌ.
والآخر: أن يحصل معه استعانة بالمعاصي.
وكلاهما لا أجر له عليه، وعليه الوزر.
أما الذي يحصل معه الشكاية: فان يجمع الغمَّ على قلبه؛ فيخرجُه الغمُّ إلى أن يشكوَ إلى الناس ما نزل به على التَّبَرُّمِ والتضَجُّرِ، والإستنكارِ لما نزل به، وذلك مثل أن يقول: كان يوم أصابني هذا فيه يوم شؤمٍ، يا رب لا أريد هذا الأجر. أكنتُ أعظم الناس ذنبًا؟ وإلى كم هذا البلاء؟ وليت هذا لم يكن!
وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: لأن أَعَضَّ على جمرة حتى تبرد؛ أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله: ليته لم يكن (١).
وروي عن يعقوب - عليه الصلاة والسلام - أنه قيل له: ما قوَّس ظهرك، وأذهب نفسك؟ قال: أذهب نفسي حزني على يوسف، وقوَّس ظهري حزني على أخيه.
(١) أخرجه: ابن بطة في الإبانة (٢/ ١٥٠ رقم ١٥٩٥) واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (٤/ ٦٦٧ رقم ١٢١٧).