الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد وعلي آله.
أما بعد:
فيعيش كثير من الناس في هذا الزمن وقد توافرت لهم أصناف النعم، وتوالت عليهم أنواع الخيرات، وتقلبوا في آلاء الله المختلفة، غير أن كثيرًا منهم ينشد راحة النفس وطمأنينة القلب، فلا يجد مطلوبه فيما فيه من النعم، لما يكتنفها من المصائب والمحن ...
وقد تكفَّل الله جل وعلا بالطمانينة والسعادة والحياة الطيبة في الدنيا؛ لمن آمن وعمل صالحًا، وحقق معاني العبودية لربه تعالى.
وإن من أعظم مقامات العبودية لله تعالى صدقَ التوكل عليه، فالتوكل عبادة تقوم بقلب المؤمن، إنه تعلقٌ بالله جل وعلا، وتفويضُ الأمر له سبحانه، وبراءة النفس من الحول والقوة إلا بربها سبحانه ...
وقد ورد في كتاب الله تعالى آيات كثيرة، وجاء في سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أحاديث عديدة، تدل على شرف مقام التوكل، وعظيم منزلته من بين أعمال القلوب، وذلك لأن من حقق التوكل على الله فقد استكمل الإيمان، وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنه وغيره من السلف:(التوكل جماع الإيمان). وقول الفضيل بن عياض -رَحِمَهُ اللهُ- وغيره:(التوكل قوام العبادة).